القول في تأويل قوله تعالى:
[44 - 46] وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون
وما كنت بجانب الغربي أي: الوادي الغربي الذي كوشف فيه موسى عن المناجاة: إذ قضينا أي: قدرنا وأنهينا: إلى موسى الأمر أي: أمر الإرسال والإنباء: وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا أي: بين زمانك وزمان موسى: فتطاول عليهم العمر أي: أمد انقطاع الوحي، واندرست معالم الهدى، وعم الضلال والبغي والردى، فاقتضت رحمتنا إرسالك لنخرجهم من الظلمات إلى النور: وما كنت ثاويا أي: مقيما: في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين أي: لك، وموحين إليك تلك الآيات. أي: ما كان الإنباء بها إلا وحيا مصدره الرسالة: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أي: وقت ندائنا موسى: ولكن رحمة من ربك أي: ولكن أرسلناك بالقرآن الناطق بما ذكر وبغيره، لرحمة عظيمة كائنة منا لك وللناس: لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك أي: من نذير في زمان الفترة بينك وبين عيسى: لعلهم يتذكرون أي: يتعظون بإنذارك.