القول في تأويل قوله تعالى:
[198 - 209] ولو نـزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم [ ص: 4646 ] فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين
ولو نـزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين أي: ولو نزلناه بنظمه البديع على بعض الأعاجم الذي لا يحسن العربية، فقرأه عليهم قراءة فصيحة، انفتق لسانه بها، خرقا للعادة، لكفروا به كما كفروا. ولتمحلوا لجحودهم عذرا. ولسموه سحرا، لفرط عنادهم: كذلك سلكناه في قلوب المجرمين أي: مكنا هذا العناد والإباء عن الإيمان به، في قلوبهم وأنفسهم. وقررناه فيها: لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أي: وهو ما هو، عياذا به منه: أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون أي: من طوال الأعمار وطيب المعايش: وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى أي: رسل ينذرونهم لأجل الموعظة والتذكرة: وما كنا ظالمين أي: فنبغتهم بالعذاب قبل الإنذار، فإن ذلك محال في حكمة الحكم العدل.