القول في تأويل قوله تعالى :
[15] إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم .
إذ تلقونه أي : وقت تلقي بعضكم من بعض : بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا أي : لا تبعة له ولا عقوبة على مشيعه : وهو عند الله عظيم أي : والحال أنه عظيم في الوزر واستجرار العذاب . قال المهايمي : لأن . قال الجراءة على رسول الله وعلى أوليائه ، تشبه الجراءة على الله تعالى : فإن قلت : ما معنى قوله : الزمخشري بأفواهكم [ ص: 4463 ] والقول لا يكون إلا بالفم ؟ قلت : معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب ، فيترجم عنه اللسان . وهذا الإفك ليس إلا قولا يجري على ألسنتكم ، ويدور في أفواهكم ، من غير ترجمة عن علم به في القلب . كقوله تعالى : يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم انتهى . فالقيد ليس تأكيدا صرفا ، (كنظر بعينه ) بل ليفيد نفيه عما عداه . وقيل إنه توبيخ ، كما تقول : (قاله بملء فيه ) ، فإن القائل ربما رمز ، وربما صرح وتشدق . وقد قيل هذا في قوله : بدت البغضاء وقيل : فائدته ألا يظن أنه كلام نفسي . فهو تأكيد لدفع المجاز . والسياق يقتضي الأول . كذا في (" العناية " ) .