القول في تأويل قوله تعالى :
[12] لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين .
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا أي : بالذين منهم من [ ص: 4461 ] المؤمنين والمؤمنات ، كقوله تعالى : ولا تلمزوا أنفسكم قال الشهاب : وهذا من بديع الكلام . وقد وقع في القرآن كثيرا . وهو بحسب الظاهر يقتضي أن كل واحد يظن بنفسه خيرا ، وليس بمراد . بل أن يظن بغيره ذلك . وتوجيهه أنه مجاز لجعله اتحاد الجنس كاتحاد الذات ولذا فسر قوله : ولا تقتلوا أنفسكم بلا تقتلوا من كان من جنسكم أو يجعلهم كنفس واحدة ، فمن عاب مؤمنا فكأنما عاب نفسه ، ويجوز أن يقدر فيه مضاف . أي : ظن بعض المؤمنين والمؤمنات بأنفس بعضهم الآخر . وقال الكرماني في حديث : إنه كقولهم : بنو فلان قتلوا أنفسهم أي : قتل بعضهم بعضا ، مجازا أو إضمارا للقرينة الصارفة عن ظاهره . و(لولا ) تحضيضية بمعنى : (هلا ) : « أموالكم عليكم حرام » وقالوا هذا إفك مبين أي : هذا الذي سمعناه ، من رمي أم المؤمنين ، إفك مبين جلي لمن عقل وفكر فيه . قال العلامة : فإن قلت : هلا قيل : (لولا إذ سمعتموه ظننتم بأنفسكم خيرا وقلتم ) ؟ ولم عدل عن الخطاب إلى الغيبة ؟ وعن الضمير إلى الظاهر ؟ قلت : ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات . وليصرح بلفظ (الإيمان ) دلالة على أن الاشتراك فيه مقتض ألا يصدق مؤمن على أخيه ، ولا مؤمنة على أختها ، قول عائب ولا طاعن . وفيه تنبيه على أن الزمخشري . وأن يقول بملء فيه - بناء على ظنه بالمؤمن الخير - : حق المؤمن ، إذا سمع قالة في أخيه ، أن يبني الأمر فيها على الظن ، لا على الشك هذا إفك مبين هكذا باللفظ المصرح ببراءة ساحته . كما يقول المستيقن المطلع على حقيقة الحال . وهذا يدل من الأدب الحسن الذي قل القائم به والحافظ له . وليتك تجد من يسمع فيسكت ، ولا يشيع ما سمعه بأخوات ! انتهى . وقوله تعالى :