القول في تأويل قوله تعالى :
[65 - 67] لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون .
لا تجأروا اليوم أي : يقال لهم تبكيتا لهم : لا تجأروا ، فإن الجؤار غير لكم : نافع إنكم منا لا تنصرون قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون أي : تعرضون عن سماعها أشد الإعراض : مستكبرين به أي : بالبيت الحرام والذي سوغ الإضمار ، شهرتهم بالاستكبار به ، وأن لا مفخر لهم إلا أنهم قوامه . وجوز تضمين (مستكبرين ) معنى (مكذبين ) والضمير للتنزيل الكريم . أي : مكذبين تكذيب استكبار . ولم يذكروا احتمال إرجاع الضمير (للنكوص ) إشارة إلى زيادة عتوهم ، وأنهم يفتخرون بهذا الإعراض ولا يرهبون مما ينذرون به ، كقوله : ولى مستكبرا وليس ببعيد . فتأمل سامرا تهجرون يعني أنهم يسمرون ليلا بذكر القرآن وبالطعن فيه ، وتسميته سحرا وشعرا ونحو ذلك . وهو معنى تهجرون من الهجر بالضم ، وهو الفحش في القول . أو معناه تعرضون . من (الهجر ) بالفتح .
تنبيه :
قال : (سامرا ) حال أيضا وهو مصدر . كقولهم (قم قائما ) وقد جاء من المصادر على لفظ اسم الفاعل نحو العاقبة والعافية . وقيل : هو واحد في موضع الجميع . انتهى . أبو البقاء
[ ص: 4408 ] فيكون واحدا أقيم مقام الجمع . وقيل هو اسم جمع كحاج وحاضر وراكب وغائب . قال الشهاب : وعلى كونه مصدرا فيشمل القليل والكثير أيضا ، باعتبار أصله . ولكن مجيء المصدر على وزن (فاعل ) نادر . وقرئ (سمرا ) بضم وتشديد . (سمار ) بزيادة ألف .