[ ص: 4320 ] سورة الحج
سميت به لاشتمالها على أصل وجوبه والمقصود من أركانه ، وهو الطواف ، إذ الإحرام نية ، والوقوف بعرفات من استعداده ، والسعي من تتمته ، والحلق خروج عنه .
وذكر فيها منافعه وتعظيم شعائره وغير ذلك ، مما يشير إلى فوائده وأسراره . أفاده المهايمي .
وعن ، عن مجاهد : أنها مكية سوى ثلاث آيات هذان خصمان ، إلى تمام الآيات الثلاث ، فإنهن نزلن ابن عباس بالمدينة ، وفي آثار أخرى أنها كلها مدنية ، كما في الإتقان وآياتها ثمان وسبعون آية .
[ ص: 4321 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى :
[1] يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم .
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } يأمر تعالى عباده بتقواه التي هي من جوامع الكلم ، في فعل المأمورات واجتناب المنهيات .
قال المهايمي : أي : احفظوا تربيته عليكم ، بصرف نعمه إلى ما خلقها لأجله ، لئلا تقعوا في الكفران الموجب لانقلاب التربية عليكم ، بالانتقام منكم . انتهى .
أي فالتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية والتربية ، مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين ، لتأييد الأمر وتأكيد إيجاب الامتثال به ترغيبا وترهيبا . أي : احذروا عقوبة مالك أموركم ومربيكم ، وقوله تعالى : { إن زلزلة الساعة شيء عظيم } تعليل لموجب الأمر ، بذكر بعض عقوباته الهائلة . فإن ملاحظة ، وفظاعة ما هي من مبادئه ومقدماته ، من الأحوال والأهوال ، التي لا ملجأ منها سوى التدرع بلباس التقوى ، مما يوجب مزيد الاعتناء بملابسته وملازمته لا محالة . و(الزلزلة ) التحريك الشديد والإزعاج العنيف ، بطريق التكرير بحيث يزيل الأشياء من مقارها ويخرجها عن مراكزها . وإضافتها للساعة ، من إضافة المصدر إلى فاعله مجازا ، كأنها هي التي تزلزل . أو إلى ظرفه ، وهي الزلزلة المذكورة في قوله تعالى : { عظمها وهولها إذا زلزلت الأرض زلزالها } ، وفي التعبير عنها بـ(الشيء ) ، إيذان بأن العقول قاصرة عن إدراك كنهها ، والعبارة لا تحيط بها إلا على وجه الإبهام . أفاده أبو السعود .
وقد وصف عظمها في كثير من السور والآيات . كسورة التكوير وسورة الانفطار [ ص: 4322 ] وسورة الانشقاق وسورة الزلزال وغيرها . وقد أشير إلى شيء من بليغ هولها بقوله سبحانه :