وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى :
[102] يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا [103] يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا .
يوم ينفخ في الصور بدل من يوم القيامة أو منصوب بمحذوف. تمثيل لبعث الله للناس يوم القيامة بسرعة لا يمثلها إلا نفخة في بوق: والنفخ في الصور فإذا هم قيام ينظرون وعلينا أن يؤمن بما ورد من النفخ في الصور. وليس علينا أن نعلم ما هي حقيقة ذلك الصور. والبحث وراء هذا، عبث لا يسوغ للمسلم. أفاده بعض المحققين.
ونحشر المجرمين أي: نسوقهم إلى جهنم: يومئذ زرقا أي: زرق الوجوه. الزرقة تقرب من السواد. فهو بمعنى آية: وتسود وجوه
وقال أبو مسلم: المراد بهذه الزرقة شخوص أبصارهم. والأزرق شاخص، لأنه لضعف بصره، يكون محدقا نحو الشيء يريد أن يتبينه. وهذه حال الخائف المتوقع لما يكره. وهو كقوله تعالى: إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار نقله الرازي. والأول أظهر [ ص: 4209 ] يتخافتون بينهم أي: يتسارون من الرعب والهول، أو من الضعف، قائلين: إن لبثتم أي: في الدنيا: إلا عشرا أي: عشر ليال.
قال : يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا، إما لما يعاينون من الشدائد التي تذكرهم أيام النعمة والسرور، فيتأسفون عليها ويصفونها بالقصر. لأن أيام السرور قصار. وإما لأنها ذهبت عنهم وتقضت. والذاهب، وإن طالت مدته، قصير بالانتهاء. ومنه توقيع الزمخشري عبد الله بن المعتز تحت: أطال الله بقاءك كفى بالانتهاء قصرا. وإما لاستطالتهم الآخرة، وأنها أبد سرمد، يستقصر إليها عمر الدنيا، ويتقال لبث أهلها فيها بالقياس إلى لبثهم في الآخرة.