القول في تأويل قوله تعالى:
[85] فأتبع سببا [86] حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا .
فأتبع سببا قرئ بقطع الهمزة وسكون التاء. وقرئ بهمزة الوصل وتشديد التاء. فقيل هما بمعنى ويتعديان لمفعول واحد. وقيل: (أتبع) بالقطع يتعدى لاثنين. والتقدير: فأتبع سببا سببا آخر. أو فأتبع أمره سببا كقوله: وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة
[ ص: 4100 ] وقال (اتبع) بالوصل في السير (وأتبع) بالقطع معناه اللحاق كقوله: أبو عبيدة: فأتبعه شهاب ثاقب وقال يونس : (أتبع) بالقطع للجد الحثيث في الطلب وبالوصل مجرد الانتقال. والفاء في قوله: فأتبع فاء الفصيحة. أي: فأراد بلوغ المغرب فأتبع سببا يوصله، لقوله: حتى إذا بلغ مغرب الشمس أي: أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب، وهو مغرب الأرض: وجدها تغرب في عين حمئة أي: ذات حمأة وهو الطين الأسود، وقرئ (حامية) أي: حارة. وقد تكون جامعة للوصفين و(وجد) يكون بمعنى رأى لما ذكره الراغب: ووجد عندها قوما أي: أمة. ثم أشار تعالى إلى أنه مكنه منهم، وأظهره بهم، وحكمه فيهم وجعل له الخيرة في شأنهم، بقوله: قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب أي: بالقتل وغيره: وإما أن تتخذ فيهم حسنا بالعفو.