القول في تأويل قوله تعالى :
[82-84] فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون .
فإن تولوا أي : بعد هذا البيان وهذا الامتنان : فإنما عليك البلاغ المبين
يعرفون نعمت الله أي : التي عددت ، وأنها بخلقه : ثم ينكرونها أي : بعبادتهم غير المنعم بها ، وقولهم : هي من الله ، ولكنها بشفاعة آلهتنا : وأكثرهم الكافرون
[ ص: 3846 ] ثم أخبر تعالى عن شأنهم في معادهم بقوله :
ويوم نبعث من كل أمة شهيدا وهو نبيها يشهد عليها بما أجابته من إيمان وكفر فيما بلغها : ثم لا يؤذن للذين كفروا أي : في الاعتذار ؛ لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه ، كقوله : هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ولا هم يستعتبون أي : لا يطلب منهم العتبى . أي : إزالة عتب ربهم وغضبه . ) والعتبى ) بالضم : الرضا وهو الرجوع عن الإساءة إلى ما يرضي العاتب . يقال : استعتبه : أعطاه العتبى بالرجوع إلى مسرته . والعتب : لومك الرجل على إساءة كانت له إليك ، والمرء إنما يطلب العتاب من خصمه ؛ ليزيل ما في نفسه عليه من الموجدة والغضب ويرجع إلى الرضا عنه ، فإذا لم يطلب العتاب منه ، دل ذلك على أنه ثابت على غضبه عليه .