[ ص: 49 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[13 ] وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون
"وإذا قيل لهم" بطريق الأمر بالمعروف ، إثر نهيهم عن المنكر - إتماما للنصح ، وإكمالا للإرشاد – "آمنوا كما آمن الناس" أي : الكاملون في الإنسانية ، فإن المؤمنين هم الناس في الحقيقة لجمعهم ما يعد من خواص الإنسان وفضائله- "قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء" استفهام في معنى الإنكار . و(السفه) خفة وسخافة رأي يورثهما قصور العقل ، وقلة المعرفة بمواضع المصالح والمضار ، ولهذا سمى الله النساء والصبيان سفهاء في قوله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما
وإنما سفهوهم - مع أنهم العقلاء المراجيح- لأنهم: لجهلهم ، وإخلالهم بالنظر ، وإنصاف أنفسهم اعتقدوا أن ما هم فيه هو الحق ، وأن ما عداه باطل - ومن ركب متن الباطل كان سفيها - ولأنهم كانوا في رياسة في قومهم ، ويسار ، وكان أكثر المؤمنين فقراء ، ومنهم موال- ، كصهيب ، وبلال وخباب- فدعوهم سفهاء تحقيرا لشأنهم ! "ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون".