القول في تأويل قوله تعالى :
[5] ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور .
ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله أي : أنذرهم بوقائعه التي وقعت على الأمم قبلهم ، كقوم نوح ولوط . ومنه : أيام العرب ; لحروبها وملاحمها ; لأنها تعظم بها الأيام . وقيل : أيامه : نعماؤه عليهم . فتكون الآية بعدها تفصيلا لها . وقيل : هي أعم من النعماء والبلاء . والوجه الأول أولى فيما أراه ; لاختصاص كل آية بمقام ، والتأسيس خير من التأكيد . وفي الالتفات من التكلم إلى الغيبة ، بالإضافة إلى الاسم الجليل ، إيذان بفخامة شأنها . قال : هذه الآية في الوعظ المرقق للقلوب . أبو بكر ابن العربي
إن في ذلك أي : في التذكير بها : لآيات لكل صبار شكور أي : يصبر على بلائه ويشكر نعماءه . فإذا سمع بما أنزل الله من البلاء على الأمم ، أو أفاض عليهم من النعم ، تنبه على ما يجب عليه من الصبر والشكر . وقيل : أراد (لكل مؤمن) لأن الشكر [ ص: 3709 ] والصبر عنوان المؤمن . وتقديم ( الصبار) على (الشكور ) لتقدم متعلق الصبر - أعني الإيمان على متعلق الشكر - أعني النعماء - وكون الشكر عاقبة الصبر .