القول في تأويل قوله تعالى:
[ 111 ] وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير
وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير أي فلا يخفى عليه شيء منه، وسيجزيهم عليه. والتنوين في (كلا) عوض عن المضاف، أي وإن كل المختلفين فيه.
تنبيه:
في هذه الآية قراءات: قرئ (إن) و (لما) مخففتين ومشددتين، وبتخفيف (إن) وتشديد (لما)، وبعكسها، وهذه الأربع قراءات كلها متواترة.
فأما الأولى: ففيها إعمال (إن) المخففة، وهي لغة ثابتة عن العرب، واللام في (لما) لأمر الابتداء، داخلة في خبر (إن). و (ما) إما موصولة بمعنى (الذين) واقعة على من يعقل، واللام في (ليوفينهم) جواب قسم مضمر، أي: وإن كلا للذين، والله ليوفينهم. وإما نكرة موصوفة، والجملة القسمية وجوابها صفة (ما) أي: وإن كلا لخلق، أو [ ص: 3489 ] لفريق، والله ليوفينهم. وقيل: اللام الأولى موطئة للقسم، ولما اجتمع اللامان، واتفقا في اللفظ، فصل بينهما بـ (ما) فهي زائدة لإصلاح اللفظ. وقيل: اللام المذكورة هي الفارقة بين المخففة والنافية. وقيل: إنها جواب القسم كررت تأكيدا.
وأما الثانية: وهي تشديدهما، فـ (إن) على حالها، وما بعدها منصوب على أنه اسمها، و (لما) بمعنى (إلا) أو جازمة بمعنى (لم) ومجزومها محذوف، أي لما يمهلوا، أو لما يوفوا أعمالهم إلى الآن، وسيوفونها.
وأما الثالثة: وهي تخفيف (إن) وتشديد (لما)، فـ (إن) مخففة عاملة كما تقدم، و (لما) بمعنى (إلا) أو جازمة أيضا، أو (إن) نافية بمنزلة (ما) و (لما) بمعنى (إلا) و (كلا) منصوب بمضمر، أي: وما أرى كلا إلا.
وأما الرابعة: وهي تشديد (إن) وتخفيف (لما) فواضحة، فـ (إن) هي المشددة عملت عملها.
والكلام في (اللام) و (ما) مثل ما تقدم أولا من الوجوه الأربعة في (اللام) والثلاثة في (ما).
وثمت قراءات أخر فلتراجع في (السمين) وغيره.
وقوله تعالى: