[ ص: 3324 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[ 4 ] إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون
إليه مرجعكم جميعا أي بالموت أو النشور، أي لا ترجعون في العاقبة إلا إليه، فاستعدوا للقائه وعد الله حقا أي صدقا، ثم علل وجوب المرجع إليه بقوله سبحانه إنه يبدأ الخلق أي من النطفة ثم يعيده أي بعد الموت ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط أي بعدله أو بعدالتهم وقيامهم على العدل في أمورهم، أو بإيمانهم ; لأنه العدل القويم، كما أن الشرك ظلم عظيم، وهو الأوجه لمقابلة قوله: والذين كفروا لهم شراب من حميم أي من ماء حار قد انتهى حره وعذاب أليم وجيع يخلص ألمه إلى قلوبهم بما كانوا يكفرون تعليل لقوله لمقابلة قوله، فإن معناه ليجزي الذي كفروا بشراب من حميم، وعذاب أليم، بسبب كفرهم، لكنه غير النظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب بجعله حقا مقررا لهم، كما تفيده (اللام) وللتنبيه على أن المقصود بالذات من الإبداء والإعادة هو الإثابة. والعقاب واقع بالعرض بكسبهم، وعلى أنه تعالى يتولى إثابة المؤمنين بما لا تحيط العبارة به لفخامته وعظمته، ولذلك لم يعينه.
ثم نبه تعالى، للاستدلال على وحدته في ربوبيته، بآثار صنعه في النيرين، إثر الاستدلال بما مر من إبداع السماوات والأرض، بقوله سبحانه: