القول في تأويل قوله تعالى :
[141 ] تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم فلا يسألون عن أعمالكم [ ص: 278 ] ولا تسألون عما كانوا يعملون لما ذكر تعالى حسن طريقة الأنبياء المتقدمين ، ولم يدع لهم متمسكا من جهتهم ، أتبع ذلك الإشارة إلى أن الدين دائر مع أمره في كل زمان . وأنه لا ينفعهم إلا ما يستجدونه بحكم ما تجدد من المنزل المعجز لكافة أهل الأرض ، أحمرهم وأسودهم . . أي فعليكم بترك الكلام في تلك الأمة . فلها ما كسبت . وانظروا فيما دعاكم إليه خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم فإن ذلك أنفع لكم وأعود عليكم . ولا تسألون إلا عن عملكم .
قال : إعادة هذه الآية من أجل أن العادة مستحكمة في الناس ، صالحهم وطالحهم أن يفتخروا بآبائهم ويقتدوا بهم في متحرياتهم . سيما في أمور دينهم . الراغب
ولهذا حكى عن الكفار قولهم : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون فأكد الله تعالى القول في إنزالهم عن هذه الطريقة . وذكر في أثر ما حكى من وصية إبراهيم ويعقوب بنيه بذلك ، تنبيها أن الأمر سواء على ما قلت أو لم يكن . فليس لكم ثواب فعلهم ولا عليكم عقابه ، وفي الثاني لما ذكر ادعاءهم اليهودية والنصرانية لآبائهم أعاد أيضا تأكيدا عليهم تنبيها على نحو ما قال : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه وقوله : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وقوله : ولا تزر وازرة وزر أخرى ولما جرت به عادتهم وتفردت به معرفتهم : كل شاة تناط برجليها .