القول في تأويل قوله تعالى:
[103] ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين
ثم بعثنا من بعدهم " أي الرسل المتقدم ذكرهم، وهم نوح وهود وصالح ولوط [ ص: 2830 ] وشعيب ، أو الأمم المحكية من بعد هلاكهم موسى بآياتنا " وهي العصا، واليد البيضاء، والسنون، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، حسبما يأتي مفصلا إلى فرعون " وهو ملك مصر في عهد موسى وملئه " أي قومه فظلموا بها " أي كفروا بها. أجرى الظلم مجرى الكفر في تعديته بالباء، وإن كان يتعدى بنفسه، لأنهما من واد واحد. إن الشرك لظلم عظيم " ، أو هو بمعنى الكفر مجازا أو تضمينا، أي: كفروا بها واضعين الكفر غير موضعه، وهو موضع الإيمان، لأنه أوتي الآيات لتكون موجبة للإيمان بما جاء به، فعكسوا، حيث كفروا فوضعوا الشيء في غير موضعه، أو الباء سببية، ومفعوله محذوف، أي ظلموا أنفسهم بسببها، بأن عرضوها للعذاب الخالد، أو ظلموا الناس لصدهم عن الإيمان بها، والمراد به الاستمرار على الكفر بها إلى أن لقوا من العذاب ما لقوا، كما يشير له قوله تعالى: فانظر كيف كان عاقبة المفسدين أي لعقائد الخلق، أفسد الله عليهم ملكهم، وآتاه أعداءهم، فأغرقهم عن آخرهم، بمرأى من موسى وقومه.