وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون [ ص: 253 ] قوله تعالى: وأورثنا القوم يعني بني إسرائيل . الذين كانوا يستضعفون أي: يستذلون بذبح الأبناء ، واستخدام النساء ، وتسخير الرجال . مشارق الأرض ومغاربها فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: مشارق الشام ومغاربها ، قاله والثاني: مشارق أرض الحسن . الشام ومصر ، والثالث: أنه على إطلاقه في شرق الأرض وغربها .
قوله تعالى: التي باركنا فيها قال : بالماء والشجر . ابن عباس
قوله تعالى: وتمت كلمت ربك الحسنى وهي وعد الله لبني إسرائيل بإهلاك عدوهم ، واستخلافهم في الأرض ، وذلك في قوله: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض [القصص:5] ، وقد بينا علة تسمية ذلك كله في (آل عمران:146)
قوله تعالى: بما صبروا فيه قولان .
أحدهما: على طاعة الله تعالى . والثاني على أذى فرعون .
قوله تعالى: ودمرنا أي: (أهلكنا ما كان يصنع فرعون وقومه) من العمارات والمزارع ، والدمار: الهلاك . وما كانوا يعرشون أي: يبنون . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص عن "يعرشون" بكسر الراء هاهنا وفي (النحل:68) وقرأ عاصم: ابن عامر ، عن وأبو بكر بضم الراء فيهما . وقرأ عاصم: "يعرشون" بالتشديد . قال ابن أبي عبلة: : يقال: عرش يعرش ويعرش: إذا بنى . الزجاج
قوله تعالى: يعكفون قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، ويعقوب: "يعكفون" بضم الكاف . وقرأ حمزة ، [ ص: 254 ] والكسائي ، والمفضل: بكسر الكاف . وقرأ بضم الياء وتشديد الكاف . قال ابن أبي عبلة: : ومعنى الزجاج يعكفون على أصنام لهم : يواظبون عليها ويلازمونها ، يقال لكل من لزم شيئا وواظب عليه: عكف يعكف ويعكف . قال كان أولئك القوم نزولا قتادة: بالرقة ، وكانوا من لخم . وقال غيره: كانت أصنامهم تماثيل البقر . وهذا إخبار عن عظيم جهلهم حيث توهموا جواز عبادة غير الله بعدما رأوا الآيات .