قوله تعالى: وما تنقم منا أي وما تكره منا شيئا ، ولا تطعن علينا إلا لأنا آمنا . ربنا أفرغ علينا صبرا قال على القطع والصلب حتى لا نرجع كفارا مجاهد: وتوفنا مسلمين أي: مخلصين على دين موسى .
قوله تعالى: أتذر موسى وقومه هذا إغراء من الملإ لفرعون . وفيما أرادوا بالفساد في الأرض قولان . أحدهما: قتل أبناء القبط ، واستحياء نسائهم ، كما فعلوا ببني إسرائيل ، قاله . والثاني: دعاؤهم الناس إلى مخالفة مقاتل فرعون وترك عبادته . [ ص: 244 ] قوله تعالى: ويذرك جمهور القراء على نصب الراء; وقرأ برفعها . قاله الحسن : من نصب "ويذرك" نصبه على جواب الاستفهام بالواو; والمعنى: أيكون منك أن تذر الزجاج موسى وأن يذرك؟ ومن رفعه جعله مستأنفا ، فيكون المعنى: أتذر موسى وقومه ، وهو يذرك وآلهتك؟ والأجود أن يكون معطوفا على "أنذر" فيكون المعنى: أتذر موسى ، وأيذرك موسى؟ أي: أتطلق له هذا؟
قوله تعالى: وآلهتك قال : كان ابن عباس فرعون قد صنع لقومه أصناما صغارا ، وأمرهم بعبادتها ، وقال أنا ربكم ورب هذه الأصنام ، فذلك قوله: أنا ربكم الأعلى [النازعات:24] . وقال غيره: كان قومه يعبدون تلك الأصنام تقربا إليه . وقال كان يعبد تيسا في السر . وقيل: كان يعبد البقر سرا . وقيل: كان يجعل في عنقه شيئا يعبده . وقرأ الحسن: ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وأبو العالية ، وابن محيصن: "والإهتك" بكسر الهمزة وقصرها وفتح اللام وبألف بعدها . قال : المعنى: ويذرك وربوبيتك وقال الزجاج قال اللغويون: الإلاهة: العبادة; فالمعنى: ويذرك وعبادة الناس إياك . قال ابن الأنباري: من قرأ: "وإلاهتك" أراد: ويذرك والشمس التي تعبد ، وقد كان في ابن قتيبة: العرب قوم يعبدون الشمس ويسمونها آلهة . قال الأعشى:
فما أذكر الرهبة حتى انقلبت قبيل الآلهة منها قريبا
يعني الشمس . والرهب: ناقته . يقول: اشتغلت بهذه المرأة عن ناقتي إلى هذا الوقت .
قوله تعالى: سنقتل أبناءهم قرأ أبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، "سنقتل" و"يقتلون أبناءكم" [الأعراف: 141] بالتشديد ، [ ص: 245 ] وخفضهما والكسائي: وقرأ نافع . "سنقتل" خفيفة ، "ويقتلون" مشددة . وإنما عدل عن قتل ابن كثير: موسى إلى قتل الأبناء لعلمه أنه لا يقدر عليه . وإنا فوقهم قاهرون أي: عالون بالملك والسلطان . فشكا بنو إسرائيل إعادة القتل على أبنائهم ، فقال موسى: استعينوا بالله واصبروا على ما يفعل بكم إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده وقرأ الحسن ، وهبيرة عن حفص عن "يورثها" بالتشديد . فأطعمهم عاصم: موسى أن يعطيهم الله أرض فرعون وقومه بعد إهلاكهم .
قوله تعالى: والعاقبة للمتقين فيها قولان . أحدهما: الجنة . والثاني: النصر والظفر .