ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون
قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة سبب نزولها: أن المستهزئين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من أهل مكة ، فقالوا له: ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم: أحق ما تقول ، أم باطل؟ أو أرنا الملائكة يشهدون لك أنك رسول الله ، أو ائتنا بالله والملائكة قبيلا ، فنزلت هذه الآية ، رواه عن أبو صالح ومعنى الآية: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة كما سألوا ، وكلمهم [ ص: 107 ] الموتى ، فشهدوا لك بالنبوة وحشرنا أي: جمعنا ابن عباس . عليهم كل شيء في الدنيا قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ، فأخبر أن وقوع الإيمان بمشيئته ، لا كما ظنوا أنهم متى شاؤوا آمنوا ، ومتى شاؤوا لم يؤمنوا . فأما قوله: قبلا فقرأ ونافع: بكسر القاف وفتح الباء . قال ابن عامر ، معناها: معاينة . وقرأ ابن قتيبة: ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، "قبلا" بضم القاف والباء . وفي معناها ثلاثة أقوال . والكسائي:
أحدها: أنه جمع قبيل ، وهو الصنف; فالمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء قبيلا قبيلا ، قاله واختاره مجاهد ، أبو عبيدة ، وابن قتيبة .
والثاني: أنه جمع قبيل أيضا ، إلا أنه: الكفيل; فالمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء ، فكفل بصحة ما تقول ، اختاره وعليه اعتراض ، وهو أن يقال: إذا لم يؤمنوا بإنزال الملائكة ، وتكليم الموتى ، فلأن لا يؤمنوا بالكفالة التي هي قول ، أولى . فالجواب: أنه لو كفلت الأشياء المحشورة ، فنطق ما لم ينطق ، كان ذلك آية بينة . الفراء ،
والثالث: أنه بمعنى المقابل ، فيكون المعنى: وحشرنا عليهم كل شيء ، فقابلهم ، قاله ابن زيد . قال يقال: لقيت فلانا قبلا وقبلا وقبلا وقبيلا وقبليا ومقابلة ، وكله واحد ، وهو للمواجهة . قال أبو زيد: أبو علي: فالمعنى في القرآن- على ما قاله واحد ، وإن اختلفت الألفاظ . أبو زيد-
قوله تعالى: ولكن أكثرهم يجهلون فيه قولان .
أحدهما: يجهلون أن الأشياء لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى .
والثاني: أنهم يجهلون أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا .