يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم
قوله تعالى: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم في سبب نزولها ستة أقوال .
أحدها: قريش يقال له: كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه ، فقال: يا نبي الله من أبي؟ قال: أبوك عبد الله بن حذافة حذافة ، فقام آخر فقال: أين أبي؟ قال في النار ، فقام فقال: رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، عمر وبمحمد نبيا ، وبالقرآن إماما ، إنا حديثو عهد بجاهلية ، والله أعلم من آباؤنا ، فسكن غضبه ، ونزلت هذه الآية ،رواه أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة ، فقام مغضبا خطيبا ، فقال: "سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء ما دمت في مقامي هذا إلا بينته لكم" ، فقام رجل من عن أبو صالح أبي هريرة ، عن وقتادة أنس .
[ ص: 434 ] والثاني: فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: أما إني لو قلت نعم لوجبت ، ولو وجبت ثم تركتم لضللتم ، اسكتوا عني ما سكت عنكم ، فإنما هلك من هلك ممن كان قبلكم بكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فنزلت هذه الآية" عكاشة بن محصن ، رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس ، فقال: "إن الله كتب عليكم الحج ، فقام محمد بن زياد عن وقيل: إن السائل عن ذلك أبي هريرة . الأقرع بن حابس .
والثالث: أن قوما كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء ، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فنزلت هذه الآية ، رواه أبو الجورية عن [ ص: 435 ] والرابع: ابن عباس . أن قوما سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، فنزلت هذه الآية ، رواه عن مجاهد وبه قال ابن عباس ، ابن جبير .
والخامس: أن قوما كانوا يسألون الآيات والمعجزات ، فنزلت هذه الآية ، روي هذا المعنى عن عكرمة .
والسادس: أنها نزلت في تمنيهم الفرائض ، وقولهم: وددنا أن الله تعالى أذن لنا في قتال المشركين ، وسؤالهم عن أحب الأعمال إلى الله ، ذكره قال أبو سليمان الدمشقي . : "أشياء" في موضع خفض إلا أنها فتحت ، لأنها لا تنصرف . و "تبد لكم": تظهر لكم . فأعلم الله تعالى أن السؤال عن مثل هذا الجنس لا ينبغي أن يقع ، لأنه يسوء الجواب عنه . وقال الزجاج : إن تبد لكم ، أي: إن نزل القرآن فيها بغليظ ، ساءكم ذلك . ابن عباس
قوله تعالى: وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن أي: حين ينزل القرآن فيها بفرض أو إيجاب ، أو نهي أو حكم ، وليس في ظاهر ما نزل دليل على شرح ما بكم إليه حاجة ، فإذا سألتم حينئذ عنها تبد لكم . وفي قوله: عفا الله عنها قولان .
أحدهما: أنه إشارة إلى الأشياء .
والثاني: إلى المسألة . فعلى القول الأول في الآية تقديم وتأخير . والمعنى: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ، عفا الله عنها . ويكون معنى: عفا الله عنها: أمسك عن ذكرها ، فلم يوجب فيها حكما . وعلى القول الثاني ، الآية على نظمها ، ومعنى: عفا الله عنها: لم يؤاخذ بها .