إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا
[ ص: 225 ] قوله تعالى: إن الذين آمنوا ثم كفروا اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها في اليهود آمنوا بموسى ، ثم كفروا بعد موسى ، ثم آمنوا بعزير ، ثم كفروا بعده بعيسى ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، هذا قول وروي عن قتادة قال: آمنوا ابن عباس . بموسى ، ثم كفروا بعبادة العجل ، ثم آمنوا به بعد عوده ، ثم كفروا بعده بعيسى ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد .
والثاني: أنها في اليهود والنصارى ، آمن اليهود بالتوراة ، وكفروا بالإنجيل ، وآمن النصارى بالإنجيل ، ثم تركوه فكفروا به ، ثم ازدادوا كفرا بالقرآن وبمحمد ، رواه شيبان عن وروي عن قتادة . قال: هم قوم من أهل الكتاب ، قصدوا تشكيك المؤمنين ، فكانوا يظهرون بالإيمان ثم الكفر ، ثم ازدادوا كفرا بثبوتهم على دينهم . وقال الحسن آمنوا بالتوراة مقاتل: وموسى ، ثم كفروا من بعد موسى ، ثم آمنوا بعيسى والإنجيل ، ثم كفروا من بعده ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد والقرآن .
والثالث: أنها في المنافقين آمنوا ، ثم ارتدوا ، ثم ماتوا على كفرهم . قاله وروى مجاهد . عن ابن جريج مجاهد: (ثم ازدادوا كفرا) قال: ثبتوا عليه حتى ماتوا . قال : ابن عباس (لم يكن الله ليغفر لهم) ما أقاموا على ذلك (ولا ليهديهم سبيلا) أي: لا يجعلهم بكفرهم مهتدين . قال: وإنما علق امتناع المغفرة بكفر بعد كفر ، لأن المؤمن بعد الكفر يغفر له كفره ، فإذا ارتد طولب بالكفر الأول .