متكئين هذا حال المذكورين على فرش جمع فراش بطائنها جمع بطانة، وهي التي تحت الظهارة .
وقال هذه البطائن، فما ظنكم بالظهائر؟! وقال أبو هريرة: إنما ترك وصف الظواهر، لأنه ليس أحد يعلم ما هي . وقال ابن عباس: البطائن: هي الظواهر بلغة قوم . وكان قتادة: يقول: قد تكون البطانة ظاهرة، والظاهرة بطانة، لأن كل واحد منهما قد يكون وجها، الفراء والعرب تقول: هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء لظاهرها، وهو الذي نراه، وقال يعيب قتلة ابن الزبير خرجوا عليه كاللصوص من وراء القرية، فقتلهم الله كل قتلة، ونجا منهم من نجا تحت بطون الكواكب . يعني هربوا ليلا; فجعلوا ظهور الكواكب بطونا، وذلك جائز في العربية . وأنكر هذا القول عثمان: جدا، وقال: إنما أراد الله أن يعرفنا- من حيث نفهم - فضل هذه الفرش وأن ما ولي الأرض منها إستبرق، وإذا كانت البطانة كذلك، فالظهارة أعلى وأشرف . وهل يجوز [لأحد] أن يقول لوجه مصل: هذا بطانته، ولما ولي الأرض منه: هذا ظهارته؟! وإنما يجوز هذا في ذي الوجهين المتساويين، تقول لما وليك من الحائط: هذا ظهر الحائط، ويقول جارك لما وليه هذا ظهر الحائط، وكذلك السماء ما ولينا منها: ظهر، وهي لمن فوقها: بطن . وقد ذكرنا الإستبرق في [سورة] [الكهف: 31]، [ ص: 122 ] قوله تعالى: ابن قتيبة وجنى الجنتين دان قال أي: ما يجتنى قريب لا يعني الجاني . أبو عبيدة:
قوله تعالى فيهن قاصرات الطرف قد شرحناه في [الصافات: 48] .
وفي قوله: "فيهن" قولان .
أحدهما: أنها تعود إلى الجنتين وغيرهما مما أعد لصاحب هذه القصة، قاله والثاني: أنها تعود إلى الفرش، ذكره الزجاج . قوله تعالى: علي بن أحمد النيسابوري . لم يطمثهن قرأ بضم الميم، والباقون بكسرها، وهما لغتان: يطمث ويطمث، مثل يعكف ويعكف . وفي معناه قولان . الكسائي
أحدهما: لم يفتضضهن; والطمث: النكاح بالتدمية، ومنه قيل للحائض: طامث، قاله الفراء .
والثاني: لم يمسسهن; يقال: ما طمث هذا البعير حبل [قط] أي: ما مسه، قاله قال أبو عبيدة . وذلك لأنهن خلقن من الجنة; فعلى قوله، هذا صفة الحور . وقال مقاتل: هن من نساء الدنيا لم يمسسهن مذ أنشئن خلق . وفي الآية دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي . الشعبي:
قوله تعالى: كأنهن الياقوت والمرجان قال هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان . وذكر قتادة: أن أهل التفسير وأهل اللغة قالوا: هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان والمرجان: صغار اللؤلؤ، وهو أشد بياضا . وقرأت على شيخنا الزجاج أبي منصور اللغوي قال: "الياقوت" فارسي [ ص: 123 ] معرب، والجمع "اليواقيت"، وقد تكلمت به العرب، قال مالك بن نويرة اليربوعي:
لن يذهب اللؤم تاج قد حييت به من الزبرجد والياقوت والذهب
قوله تعالى: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قال أي: ما جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة . وقال الزجاج، هل جزاء من قال: "لا إله إلا الله" وعمل بما جاء به ابن عباس: محمد صلى الله عليه وسلم إلا الجنة . وروى قال: أنس بن مالك قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، وقال: "هل تدرون ما قال ربكم"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "فإن ربكم يقول: هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلا الجنة"؟! .