قوله تعالى: سنفرغ لكم قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، "سنفرغ" بنون مفتوحة . وقرأ وابن عامر: ابن مسعود، وعكرمة، والأعمش، وحمزة، والكسائي، ["سيفرغ"] بياء مفتوحة . وقرأ وعبد الوارث: ابن السميفع، وابن يعمر، وابن أبي عبلة، وعاصم الجحدري، عن "سيفرغ" بضم الياء وفتح الراء . قال عبد الوارث: هذا وعيد من الله تعالى، لأنه لا يشغله شيء عن شيء، تقول للرجل الذي لا شغل له: قد فرغت لي، قد فرغت تشتمني؟! أي: قد أخذت في هذا وأقبلت عليه؟! قال الفراء: الفراغ في اللغة على ضربين . أحدهما: الفراغ من شغل . والآخر: القصد للشيء، تقول: قد فرغت مما كنت فيه، أي: قد زال شغلي به، وتقول: سأتفرغ لفلان، أي: سأجعله قصدي، ومعنى الآية: سنقصد لحسابكم . فأما "الثقلان" فهما الجن والإنس، سميا بذلك لأنهما ثقل الأرض . الزجاج:
قوله تعالى: أن تنفذوا أي: تخرجوا; يقال: نفذ الشيء من الشيء: إذا خلص منه، كالسهم ينفذ من الرمية; والأقطار: النواحي والجوانب . وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال .
أحدها: إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا، قاله ابن عباس .
[ ص: 116 ] والثاني: إن استطعتم أن تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السماوات والأرض فاهربوا واخرجوا منها; والمراد: أنكم حيثما كنتم أدرككم الموت، هذا قول الضحاك في آخرين . ومقاتل
والثالث: إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا; وإنما يقال لهم هذا يوم القيامة، ذكره ابن جرير .
قوله تعالى: لا تنفذون إلا بسلطان فيه ثلاثة أقوال . أحدها: لا تنفذون إلا في سلطان الله وملكه، لأنه مالك كل شيء، قاله والثاني: لا تنفذون إلا بحجة، قاله ابن عباس . والثالث: لا تنفذون إلا بملك، وليس لكم ملك، قاله مجاهد، قتادة .
قوله تعالى: يرسل عليكما فثنى على اللفظ . وقد جمع في قوله إن استطعتم على المعنى .
فأما "الشواظ" ففيه ثلاثة أقوال . أحدها: أنه لهب النار، قاله وقال ابن عباس . هو اللهب الأخضر المنقطع من النار . والثاني: الدخان، قاله مجاهد: والثالث: النار المحضة، قاله سعيد بن جبير . وقال الفراء . هي النار التي تأجج لا دخان فيها، ويقال: شواظ وشواظ . وقرأ أبو عبيدة: بكسر الشين; وقرأ أيضا هو وأهل ابن كثير البصرة: "ونحاس" بالخفض، والباقون برفعهما .
وفي "النحاس" قولان .
أحدهما: أنه دخان النار، رواه عن أبو صالح وبه قال ابن عباس، ، سعيد بن جبير والفراء وأبو عبيدة، وابن قتيبة، ومنه قول والزجاج، الجعدي يذكر امرأة: [ ص: 117 ]
تضيء كضوء سراج السلي ط لم يجعل الله فيه نحاسا
وذكر في السليط ثلاثة أقوال . أحدها: أنه دهن السنام، وليس له دخان إذا استصبح به . والثاني: أنه دهن السمسم . والثالث: الزيت . الفراء
والثاني: أنه الصفر المذاب يصب على رؤوسهم، رواه عن العوفي وبه قال ابن عباس، مجاهد، قال وقتادة . والمراد بالآية: كفار الجن والإنس، يرسل عليهما في الآخرة لهب النار والصفر الذائب، وهي خمسة أنهار تجري من تحت العرش على رؤوس أهل النار، ثلاثة أنهار على مقدار الليل، ونهران على مقدار نهار الدنيا، مقاتل: فلا تنتصران أي: فلا تمتنعان من ذلك .