ولقد جاء آل فرعون النذر كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر [ ص: 100 ] قوله تعالى: ولقد جاء آل فرعون يعني القبط "النذر" فيهم قولان .
أحدهما: [أنه] جمع نذير، وهي الآيات التي أنذرهم بها موسى .
والثاني: أن النذر بمعنى الإنذار; وقد بيناه آنفا، "فأخذناهم" بالعذاب "أخذ عزيز" أي: غالب في انتقامه "مقتدر" قادر على هلاكهم .
ثم خوف أهل مكة فقال: "أكفاركم" يا معشر العرب "خير" أي: أشد وأقوى "من أولئكم" وهذا استفهام معناه الإنكار; والمعنى: ليسوا بأقوى من قوم نوح وعاد وثمود، وقد أهلكناهم "أم لكم براءة" من العذاب أنه لا يصيبكم ما أصابهم في "الزبر" أي: في الكتب المتقدمة، "أم يقولون نحن جميع منتصر" المعنى: أيقولون: نحن يد واحدة على من خالفنا فننتصر منهم؟ وإنما وحد المنتصر للفظ الجميع، فإنه على لفظ "واحد" وإن كان اسما للجماعة "سيهزم الجمع" وروى أبو حاتم بن يعقوب: "سنهزم" بالنون، "الجمع" بالنصب، "وتولون" بالتاء، ويعني بالجمع: جمع كفار مكة "ويولون الدبر" ولم يقل: الأدبار، وكلاهما جائز; قال مثله أن يقول: إن فلانا لكثير الدينار والدرهم . وهذا مما أخبر الله به نبيه من علم الغيب، فكانت الهزيمة يوم الفراء: بدر .
قوله تعالى: والساعة أدهى قال هي أفظع مقاتل: "وأمر" من القتل قال ومعنى الداهية: الأمر الشديد الذي لا يهتدى لدوائه; ومعنى "أمر": أشد مرارة من القتل والأسر . الزجاج: