قوله تعالى: " وأتبعناهم ذرياتهم " قرأ ابن كثير، وعاصم، وحمزة، "واتبعتهم" بالتاء "ذريتهم" واحدة والكسائي: بهم ذريتهم واحدة أيضا . وقرأ "واتبعتهم ذريتهم" واحدة "بهم ذرياتهم" جمعا . وقرأ نافع: "وأتبعناهم ذرياتهم" "بهم ذرياتهم" جمعا في الموضعين . واختلفوا في تفسيرها على ثلاثة أقوال . ابن عامر:
أحدها: أن معناها: واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم [ذرياتهم] من المؤمنين في الجنة، وإن كانوا لم يبلغوا أعمال آبائهم، تكرمة من الله تعالى لآبائهم المؤمنين باجتماع أولادهم معهم، روى هذا المعنى عن سعيد بن جبير ابن عباس .
[ ص: 51 ] والثاني: واتبعتهم ذريتهم بإيمان، أي: بلغت أن آمنت، ألحقنا بهم ذريتهم الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان . وروى هذا المعنى عن العوفي وبه قال ابن عباس، ومعنى هذا القول، أن أولادهم الكبار تبعوهم بإيمان منهم، وأولادهم الصغار تبعوهم بإيمان الآباء، [لأن الولد يحكم له بالإسلام تبعا لولده . الضحاك .
والثالث: "وأتبعناهم ذرياتهم" بإيمان الآباء] فأدخلناهم الجنة، وهذا مروي عن أيضا . ابن عباس
قوله تعالى: وما ألتناهم قرأ نافع: وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، "وما ألتناهم" بالهمزة وفتح اللام . وقرأ والكسائي: "وما ألتناهم" بكسر اللام . وروى ابن شنبوذ عن ابن كثير: عنه "وما لتناهم" بإسقاط الهمزة مع كسر اللام . وقرأ قنبل أبو العالية، وأبو نهيك، ومعاذ القارئ بإسقاط الهمزة مع فتح اللام . وقرأ ابن السميفع "وما آلتناهم" بمد الهمزة وفتحها . وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري: "وما ولتناهم" بواو مفتوحة من غير همزة وبنصب اللام . وقرأ ابن مسعود، : "وما ألتهم" مثل جعلتهم . وقد ذكرنا هذه الكلمة في [ الحجرات: 140] والمعنى: ما نقصنا الآباء بما أعطينا الذرية . وأبو المتوكل
كل امرئ بما كسب رهين أي: مرتهن بعمله لا يؤاخذ أحد بذنب أحد . وقيل: هذا الكلام يختص بصفة أهل النار، وذلك الكلام قد تم .
قوله تعالى: وأمددناهم قال هي الزيادة على الذي كان لهم . ابن عباس
[ ص: 52 ] قوله تعالى: يتنازعون قال أي: يتعاطون ويتداولون، وأنشد أبو عبيدة: الأخطل:
نازعته طيب الراح الشمول وقد صاح الدجاج وحانت وقعة الساري
قال يتناول هذا الكأس من يد هذا، وهذا من يد هذا . فأما الكأس فقد شرحناها في [الصافات: 45] . الزجاج:
قوله تعالى: لا لغو فيها ولا تأثيم قرأ ابن كثير، "لا لغو فيها ولا تأثيم" نصبا وقرأ الباقون: "لا لغو فيها ولا تأثيم" رفعا منونا . قال وأبو عمرو: أي: لا تذهب بعقولهم فيلغوا ويرفثوا فيأثموا، كما يكون ذلك في خمر الدنيا . وقال غيره: التأثيم: تفعيل من الإثم، يقال: آثمه: إذا جعله ذا إثم . والمعنى أن تلك الكأس لا تجعلهم آثمين . ابن قتيبة:
ويطوف عليهم للخدمة غلمان لهم كأنهم في الحسن والبياض لؤلؤ مكنون أي: مصون لم تمسه الأيدي . وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا نبي الله، هذا الخادم، فكيف المخدوم؟ فقال: "إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب" .
وقوله تعالى" وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال [ ص: 53 ] يتذاكرون ما كانوا فيه في الدنيا من الخوف والتعب، وهو قوله: ابن عباس: قالوا إنا كنا قبل في أهلنا أي: في دار الدنيا مشفقين أي: خائفين من العذاب، فمن الله علينا بالمغفرة ووقانا عذاب السموم أي: عذاب النار . وقال السموم من أسماء جهنم . الحسن:
وقال غيره: سموم: جهنم . وهو ما يوجد من نفحها وحرها، إنا كنا من قبل ندعوه أي: نوحده ونخلص له إنه هو البر وقرأ نافع، "أنه" بفتح الهمزة . وفي معنى "البر" ثلاثة أقوال: والكسائي:
أحدها: الصادق فيما وعد، رواه عن أبو صالح ابن عباس .
والثاني: اللطيف، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
والثالث: العطوف على عباده المحسن إليهم الذي عم ببره جميع خلقه، قاله أبو سليمان الخطابي .