هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم
قوله تعالى: هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين "هل" بمعى "قد" في قول ابن عباس، فيكون المعنى: قد أتاك فاستمع نقصصه عليك، وضيفه: هم الذين جاؤوا بالبشرى . وقد ذكرنا عددهم في [هود: 70]، وذكرنا هناك معنى الضيف . ومقاتل،
وفي معنى "المكرمين" أربعة أقوال:
أحدهما: لأنه أكرمهم بالعجل، قاله عن أبو صالح وبه قال ابن عباس، مجاهد .
والثاني: بأن خدمهم هو وامرأته بأنفسهما، قاله السدي .
والثالث: أنهم مكرمون عند الله، قاله عبد العزيز بن يحيى .
والرابع: لأنهم أضياف، والأضياف مكرمون، قاله [ ص: 36 ] قوله تعالى: أبو بكر الوراق . فقالوا سلاما قد ذكرناه في [هود: 70]
قوله تعالى: قوم منكرون قال ارتفع على معنى: أنتم قوم منكرون . الزجاج:
وللمفسرين في سبب إنكارهم أربعة أقوال .
أحدها: لأنه لم يعرفهم، قاله ابن عباس .
والثاني: لأنهم سلموا عليه، فأنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض، قاله أبو العالية .
والثالث: لأنهم دخلوا [عليه] من غير استئذان .
والرابع: لأنه رأى فيهم صورة البشر وصورة الملائكة .
قوله تعالى: فراغ إلى أهله قال أي: عدل إليهم في خفية، ولا يكون الرواغ إلى أن تخفي ذهابك ومجيئك . ابن قتيبة:
قوله تعالى: فجاء بعجل سمين وكان مشويا فقربه إليهم قال والمعنى: فقربه إليهم ليأكلوا منه، فلم يأكلوا، فقال: الزجاج: ألا تأكلون ؟! على النكير، أي: أمركم في ترك الأكل مما أنكره .
[ ص: 37 ] قوله تعالى: فأوجس منهم خيفة قد شرحناه في [هود: 70]، وذكرنا معنى: "غلام عليم" في [الحجر: 54] .
فأقبلت امرأته وهي: سارة . قال الفراء لم تقبل من موضع إلى موضع، وإنما هو كقولك: أقبل يشتمني، وأقبل يصيح ويتكلم، أي: أخذ في ذلك، والصرة: الصيحة . وقال وابن قتيبة: الصرة: شدة الصوت . أبو عبيدة:
وفيما قالت في صيحتها قولان .
أحدهما: أنها تأوهت، قاله قتادة .
والثاني: أنها قالت: يا ويلتا، ذكره الفراء .
قوله تعالى: فصكت وجهها فيه قولان .
أحدهما: لطمت وجهها، قاله ابن عباس .
والثاني: ضربت جبينها تعجبا، قاله ومعنى الصك: ضرب الشيء بالشيء العريض . مجاهد .
وقالت عجوز قال هذا مرفوع بإضمار "أتلد عجوز" . وقال الفراء: المعنى: أنا عجوز عقيم، فكيف ألد؟! وقد ذكرنا معنى العقيم في [هود: 72] . الزجاج:
قالوا كذلك قال ربك أنك ستلدين غلاما; والمعنى: إنما نخبرك [ ص: 38 ] عن الله عز وجل وهو حكيم عليم يقدر أن يجعل العقيم ولودا فعلم [حينئذ] إبراهيم أنهم ملائكة .
قال فما خطبكم مفسر في [الحجر: 57] .
قوله تعالى: حجارة من طين قال هو الآجر . ابن عباس:
قوله تعالى: مسومة عند ربك قد شرحناه في [هود: 83] . قوله تعالى للمسرفين قال للمشركين . ابن عباس:
قوله تعالى: فأخرجنا من كان فيها أي: من قرى لوط (من المؤمنين) وذلك قوله تعالى: فأسر بأهلك الآية: [هود: 82] .
فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وهو لوط وابنتاه، وصفهم الله عز وجل بالإيمان والإسلام، لأنه ما من مؤمن إلا وهو . مسلم
وتركنا فيها آية أي: علامة للخائفين من عذاب الله تدلهم على أن الله أهلكهم . وقد شرحنا هذا في [ العنكبوت: 35 ] وبينا المكني عنها .