يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم .
قوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا نزلت في بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الوليد بن عقبة، بني المصطلق ليقبض صدقاتهم، وقد كانت بينه وبينهم عداوة في الجاهلية، فسار بعض الطريق، ثم خاف فرجع فقال: إنهم قد منعوا [ ص: 461 ] الصدقة وأرادوا قتلي، فصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إليهم، فنزلت هذه الآية . وقد ذكرت القصة في كتاب "المغني" وفي "الحدائق" مستوفاة، وذكرت معنى "فتبينوا" في سورة [النساء: 94]، والنبأ: الخبر، و "أن" بمعنى "لئلا"، والجهالة هاهنا: أن يجهل حال القوم، فتصبحوا على ما فعلتم من إصابتهم بالخطإ نادمين .
ثم خوفهم فقال: واعلموا أن فيكم رسول الله أي: إن كذبتموه أخبره الله فافتضحتم، ثم قال: لو يطيعكم في كثير من الأمر أي: مما تخبرونه فيه بالباطل لعنتم أي: لوقعتم في عنت . قال : وهو الضرر والفساد . وقال غيره: هو الإثم والهلاك . وذلك أن المسلمين لما سمعوا أن أولئك القوم قد كفروا قالوا: ابعث إليهم يا رسول الله واغزهم واقتلهم; ثم خاطب المؤمنين فقال: ابن قتيبة ولكن الله حبب إليكم الإيمان إلى قوله: والعصيان ، ثم عاد إلى الخبر عنهم فقال: أولئك هم الراشدون [ ص: 462 ] أي: المهتدون إلى محاسن الأمور، فضلا من الله قال : المعنى: ففعل بكم ذلك فضلا، أي: للفضل والنعمة . الزجاج