قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما .
قوله تعالى: ستدعون إلى قوم المعنى: إن كنتم تريدون الغزو والغنيمة فستدعون إلى جهاد قوم أولي بأس شديد .
وفي هؤلاء القوم ستة أقوال .
أحدها: أنهم فارس، رواه ابن أبي طلحة عن وبه قال ابن عباس، عطاء بن أبي رباح، وعطاء الخراساني، وابن أبي ليلى، في آخرين . والثاني: وابن جريج فارس والروم، قاله ورواه الحسن، عن ابن أبي نجيح والثالث: أنهم أهل الأوثان، رواه مجاهد . عن ليث والرابع: أنهم مجاهد . الروم، قاله والخامس: أنهم كعب . هوازن وغطفان، وذلك يوم حنين، قاله سعيد بن جبير، والسادس: وقتادة . بنو حنيفة يوم اليمامة، وهم أصحاب مسيلمة الكذاب، قاله الزهري، وابن السائب، قال ومقاتل . خلافة مقاتل: أبي بكر في هذه بينة مؤكدة . [ ص: 432 ] وقال كنا نقرأ هذه الآية ولا نعلم من هم حتى دعي رافع بن خديج: أبو بكر إلى قتال بني حنيفة، فعلمنا أنهم هم . وقال بعض أهل العلم: لا يجوز أن تكون هذه الآية إلا في العرب، لقوله: تقاتلونهم أو يسلمون ، وفارس والروم إنما يقاتلون حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية . وقد استدل جماعة من العلماء على صحة إمامة أبي بكر بهذه الآية، لأنه إن أريد بها وعمر بنو حنيفة، دعا إلى قتالهم، وإن أريد بها فأبو بكر فارس والروم، دعا إلى قتالهم، والآية تلزمهم اتباع طاعة من يدعوهم، وتتوعدهم على التخلف بالعقاب . قال فعمر وهذا يدل على صحة إمامتهما إذا كان المتولي عن طاعتهما مستحقا للعقاب . القاضي أبو يعلى:
قوله تعالى: فإن تطيعوا قال فإن تطيعوا ابن جريج: أبا بكر وعمر، وإن تتولوا عن طاعتهما كما توليتم عن طاعة محمد صلى الله عليه وسلم في المسير إلى الحديبية . وقال : المعنى: إن تبتم وتركتم نفاقكم وجاهدتم، يؤتكم الله أجرا حسنا، وإن توليتم فأقمتم على نفاقكم، وأعرضتم عن الإيمان والجهاد كما توليتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعذبكم عذابا أليما . الزجاج
[ ص: 433 ] قوله تعالى: ليس على الأعمى حرج قال المفسرون: عذر الله أهل الزمانة الذين تخلفوا عن المسير إلى الحديبية بهذه الآية .
قوله تعالى: يدخله جنات قرأ نافع، "ندخله" و "نعذبه" بالنون فيهما; والباقون: بالياء . وابن عامر: