قوله تعالى: أم حسب الذين في قلوبهم مرض أي: نفاق أن لن يخرج الله أضغانهم قال أي لن يبدي الله عداوتهم وبغضهم لمحمد صلى الله عليه وسلم . وقال الفراء: : أي: لن يبدي عداوتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم ويظهره على نفاقهم . الزجاج
[ ص: 411 ] ولو نشاء لأريناكهم أي: لعرفناكهم: تقول: قد أريتك هذا الأمر، أي: قد عرفتك إياه، المعنى: لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة، وهي السيماء فلعرفتهم بسيماهم أي: بتلك العلامة ولتعرفنهم في لحن القول أي: في فحوى القول، فدل بهذا على أن قول القائل وفعله يدل على نيته . وقول الناس: قد لحن فلان، تأويله: قد أخذ في ناحية عن الصواب، وعدل عن الصواب إليها، وقول الشاعر:
منطق صائب وتلحن أحيا نا، وخير الحديث ما كان لحنا
تأويله: خير الحديث من مثل هذه ما كان لا يعرفه كل أحد، إنما يعرف قولها في أنحاء قولها . قال المفسرون: ولتعرفنهم في فحوى الكلام ومعناه ومقصده، فإنهم يتعرضون بتهجين أمرك والاستهزاء بالمسلمين . قال ثم عرفه الله إياهم . ابن جرير:
قوله تعالى: ولنبلونكم أي: ولنعاملنكم معاملة المختبر بأن نأمركم بالجهاد حتى نعلم العلم الذي هو علم وجود، وبه يقع الجزاء; وقد شرحنا هذا في [العنكبوت: 3] .
قوله تعالى: ونبلو أخباركم أي: نظهرها ونكشفها بإباء من يأبى القتال ولا يصبر على الجهاد . وقرأ أبو بكر عن "وليبلونكم" بالياء "حتى يعلم" بالياء "ويبلو" بالياء فيهن . وقرأ عاصم: معاذ القارئ، [ ص: 412 ] "أخياركم" بالياء جمع "خير" . وأيوب السختياني:
قوله تعالى: إن الذين كفروا . . . [الآية] اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال .
أحدها: أنها في المطعمين يوم بدر، قاله ابن عباس .
والثاني: أنها نزلت في الحارث بن سويد، ووحوح الأنصاري، أسلما ثم ارتدا، فتاب الحارث ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبى صاحبه أن يرجع حتى مات، قاله السدي .
والثالث: أنها في اليهود، قاله مقاتل .
والرابع: أنها في قريظة [والنضير]، ذكره الواحدي .
قوله تعالى: ولا تبطلوا أعمالكم اختلفوا في مبطلها على أربعة أقوال . أحدها: المعاصي والكبائر، قاله والثاني: الشك والنفاق، قاله الحسن . والثالث، الرياء والسمعة، قاله عطاء . والرابع: بالمن، وذلك [ ص: 413 ] ابن السائب . يمنون عليك أن أسلموا [الحجرات: 17]، هذا قول أن قوما من الأعراب قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتيناك طائعين، فلنا عليك حق، فنزلت هذه الآية، ونزل قوله: قال مقاتل . وهذا يدل على أن كل من دخل في قربة لم يجز له الخروج منها قبل إتمامها، وهذا على ظاهره في الحج، فأما في الصلاة والصيام، فهو على سبيل الاستحباب . القاضي أبو يعلى: