[ ص: 399 ] يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم . ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها . ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم . إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم . وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم . أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم .
قوله تعالى: إن تنصروا الله أي: تنصروا دينه ورسوله ينصركم على عدوكم ويثبت أقدامكم عند القتال . وروى عن المفضل "ويثبت" بالتخفيف . عاصم:
والذين كفروا فتعسا لهم قال المعنى: فأتعسهم الله: والدعاء قد يجري مجرى الأمر والنهي . قال الفراء: : هو من قولك: تعست، [ ص: 400 ] أي: عثرت وسقطت . وقال ابن قتيبة : التعس في اللغة: الانحطاط والعثور . وما بعد هذا قد سبق بيانه [الكهف: 105، يوسف: 109] إلى قوله: الزجاج دمر الله عليهم أي: أهلكهم [الله] وللكافرين أمثالها أي: أمثال تلك العاقبة .
ذلك الذي فعله بالمؤمنين من النصر، وبالكافرين من الدمار بأن الله مولى الذين آمنوا أي: وليهم .
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: ويأكلون كما تأكل الأنعام أي: أن الأنعام تأكل وتشرب، ولا تدري ما في غد، فكذلك الكفار لا يلتفتون إلى الآخرة . و "المثوى": المنزل .
وكأين مشروح في [آل عمران: 146] . والمراد بقريته: مكة; وأضاف القوة والإخراج إليها، والمراد أهلها، ولذلك قال: أهلكناهم .
قوله تعالى: أفمن كان على بينة من ربه فيه قولان . أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله والثاني: أنه المؤمن، قاله أبو العالية . الحسن .
وفي "البينة" قولان . أحدهما: القرآن، قاله ابن زيد . والثاني: الدين، قاله ابن السائب .
كمن زين له سوء عمله يعني عبادة الأوثان، وهو الكافر واتبعوا أهواءهم بعبادتها .