ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام . إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل [ ص: 289 ] صبار شكور . أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير . ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص . فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون .
قوله تعالى: ومن آياته الجوار في البحر والمراد بالجوار: السفن . قرأ ابن كثير، ونافع، : "الجواري" بياء في الوصل، إلا أن وأبو عمرو يقف أيضا بياء، ابن كثير بغير ياء، وأبو عمرو ويعقوب يوافق والباقون بغير ياء في الوصل والوقف; قال ابن كثير، أبو علي: والقياس ما ذهب إليه ومن حذف، فقد كثر حذف مثل هذا في كلامهم . ابن كثير،
كالأعلام قال : كالجبال، واحدها: علم . وروي عن ابن قتيبة أنه قال: كل شيء مرتفع -عند الخليل بن أحمد العرب- فهو علم .
قوله تعالى: إن يشأ يسكن الريح التي تجريها فيظللن يعني الجواري رواكد على ظهره أي: سواكن على ظهر البحر [لا يجرين] .
أو يوبقهن أي: يهلكهن ويغرقهن، والمراد أهل السفن، ولذلك قال: بما كسبوا أي: من الذنوب ويعف عن كثير من ذنوبهم، فينجيهم من الهلاك .
ويعلم الذين يجادلون قرأ نافع، "ويعلم" بالرفع على الاستئناف وقطعه من الأول; وقرأ الباقون بالنصب . قال وابن عامر: هو مردود على الجزم، إلا أنه صرف، والجزم إذا صرف عنه معطوفه نصب . الفراء:
وللمفسرين في معنى الآية قولان .
[ ص: 290 ] أحدهما: ويعلم الذين يخاصمون في آيات الله حين يؤخذون بالغرق أنه لا ملجأ لهم .
والثاني: أنهم يعلمون بعد البعث أنه لا مهرب لهم من العذاب .
قوله تعالى: فما أوتيتم من شيء أي: ما أعطيتم من الدنيا فهو متاع تتمتعون به، ثم يزول سريعا، وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا لا للكافرين، لأنه إنما أعد لهم في الآخرة العذاب .