فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود . إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون . فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون . فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب [ ص: 247 ] الآخرة أخزى وهم لا ينصرون . وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون . ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون .
قوله تعالى: فإن أعرضوا عن الإيمان بعد هذا البيان فقل أنذرتكم صاعقة الصاعقة: المهلك من كل شيء; والمعنى: أنذرتكم عذابا مثل عذابهم . وإنما خص القبيلتين، لأن قريشا يمرون على قرى القوم في أسفارهم .
إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم أي: أتت آباءهم ومن كان قبلهم ومن خلفهم أي: من خلف الآباء، وهم الذين أرسلوا إلى هؤلاء المهلكين ألا تعبدوا أي: بأن لا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا أي: لو أراد دعوة الخلق لأنزل ملائكة .
قوله تعالى: فاستكبروا أي: تكبروا عن الإيمان وعملوا بغير الحق . وكان هود قد تهددهم بالعذاب فقالوا: نحن نقدر على دفعه بفضل قوتنا . والآيات هاهنا: الحجج .
وفي الريح الصرصر أربعة أقوال .
أحدها: أنها الباردة، قاله ابن عباس، وقتادة، . وقال والضحاك هي الريح الباردة تحرق كالنار، وكذلك قال الفراء: : هي الشديدة البرد جدا; فالصرصر متكرر فيها البرد، كما تقول: أقللت الشيء وقلقلته، فأقللته بمعنى رفعته، وقلقلته: كررت رفعه . الزجاج
[ ص: 248 ] والثاني: أنها الشديدة السموم، قاله مجاهد .
والثالث: الشديدة الصوت، قاله السدي، وأبو عبيدة، . وابن قتيبة
والرابع: الباردة الشديدة، قاله مقاتل .
قوله تعالى: في أيام نحسات قرأ ابن كثير، ونافع، : "نحسات" بإسكان الحاء; وقرأ الباقون: بكسرها . قال وأبو عمرو : من كسر الحاء، فواحدهن " نحس "، ومن أسكنها، فواحدهن "نحس"; والمعنى: مشؤومات . الزجاج
وفي أول هذه الأيام ثلاثة أقوال . أحدها: غداة يوم الأحد، قاله والثاني: يوم الجمعة، قاله السدي . والثالث: يوم الأربعاء، قاله الربيع بن أنس . والخزي: الهوان . يحيى بن سلام .
قوله تعالى: وأما ثمود فهديناهم فيه ثلاثة أقوال . أحدها: بينا لهم، قاله ابن عباس، وقال وسعيد بن جبير . بينا لهم سبيل الخير والشر . والثاني: دعوناهم، قاله قتادة: والثالث: دللناهم على مذهب الخير، قاله مجاهد . الفراء .
[ ص: 249 ] قوله تعالى: فاستحبوا العمى أي: اختاروا الكفر على الإيمان، فأخذتهم صاعقة العذاب الهون أي: ذي الهوان، وهو الذي يهينهم .