أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين . أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين . بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين .
[ ص: 192 ] قوله تعالى: أن تقول نفس قال المعنى: بادروا قبل أن تقول نفس، وحذرا من أن تقول نفس . وقال المبرد: : خوف أن تصيروا إلى حال تقولون فيها هذا القول . ومعنى الزجاج يا حسرتا يا ندامتا ويا حزنا . والتحسر: الاغتمام على ما فات . والألف في "يا حسرتا" هي [ياء] المتكلم، والمعنى: يا حسرتي، على الإضافة . قال والعرب تحول الياء إلى الألف في كل كلام معناه الاستغاثة ويخرج على لفظ الدعاء، وربما أدخلت الفراء: العرب الهاء بعد هذه الألف، فيخفضونها مرة، ويرفعونها أخرى، وقرأ الحسن، وأبو العالية، وأبو عمران، "يا حسرتي" بكسر التاء، على الإضافة إلى النفس . وقرأ وأبو الجوزاء: معاذ القارئ، "يا حسرتاي"، بألف بعد التاء وياء مفتوحة . قال وأبو جعفر: : وزعم الزجاج أنه يجوز "يا حسرتاه على كذا" بفتح الهاء، و "يا حسرتاه" بالضم والكسر، والنحويون أجمعون لا يجيزون أن تثبت هذه الهاء مع الوصل . الفراء
قوله تعالى: في جنب الله فيه خمسة أقوال . أحدها: في طاعة الله تعالى، قاله والثاني: في حق الله، قاله الحسن . والثالث: في أمر الله، قاله سعيد بن جبير . مجاهد، والرابع: في ذكر الله، قاله والزجاج . عكرمة، . والخامس: في قرب الله; روي عن والضحاك أنه قال: الجنب: القرب، أي: في قرب الله وجواره; يقال: فلان يعيش في جنب فلان، أي: في قربه وجواره; فعلى هذا يكون المعنى: [على] ما فرطت في طلب قرب الله تعالى، وهو الجنة . الفراء
[ ص: 193 ] قوله تعالى: وإن كنت لمن الساخرين أي: وما كنت إلا من المستهزئين بالقرآن وبالمؤمنين في الدنيا .
أو تقول لو أن الله هداني أي: أرشدني إلى دينه لكنت من المتقين الشرك; فيقال لهذا القائل: بلى قد جاءتك آياتي قال : و "بلى" جواب النفي، وليس في الكلام لفظ النفي، غير أن معنى "لو أن الله هداني": ما هديت، فقيل: "بلى قد جاءتك آياتي" . وروى الزجاج ابن أبي سريج [عن "جاءتك"، "فكذبت"، "واستكبرت"، "وكنت"، بكسر التاء فيهن، مخاطبة للنفس . ومعنى "استكبرت": تكبرت عن الإيمان بها . الكسائي]: