وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون . والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم . والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم . لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون .
قوله تعالى: وآية لهم الليل نسلخ منه النهار أي: وعلامة لهم تدل على توحيدنا وقدرتنا الليل نسلخ منه النهار; قال نرمي بالنهار عنه، و "منه" بمعنى "عنه" . وقال الفراء: نخرج منه النهار ونميزه منه فتجيء الظلمة، قال أبو عبيدة: وذلك أن ضوء النهار يتداخل في الهواء فيضيء، فإذا خرج منه أظلم . وقوله: الماوردي: فإذا هم مظلمون أي: داخلون في الظلام .
والشمس أي: وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها وفيه أربعة أقوال .
أحدها: إلى موضع قرارها; روى قال: أبو ذر "لمستقر لها" قال: "مستقرها تحت العرش"، وقال: "إنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الطلوع، فيؤذن لها" . سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله:
[ ص: 18 ] [ ص: 19 ] والثاني: أن مستقرها مغربها لا تجاوزه ولا تقتصر عنه، قاله مجاهد .
والثالث: لوقت واحد لا تعدوه، قاله وقال قتادة . لوقت لها إلى يوم القيامة . مقاتل:
والرابع: تسير في منازلها حتى تنتهي إلى مستقرها الذي لا تجاوزه، ثم ترجع إلى أول منازلها، قاله وقال ابن السائب . : إلى مستقر لها، ومستقرها: أقصى منازلها في الغروب، [وذلك] لأنها لا تزال تتقدم إلى أقصى مغاربها، ثم ترجع . ابن قتيبة
وقرأ ابن مسعود، وعكرمة، وعلي بن الحسين، والشيزري عن "لا مستقر لها" والمعنى أنها تجري أبدا لا تثبت في مكان واحد . الكسائي:
قوله تعالى: ذلك الذي ذكر من أمر الليل والنهار والشمس تقدير العزيز في ملكه العليم بما يقدر .
قوله تعالى: والقمر قرأ ابن كثير، ونافع، : "والقمر" بالرفع . وقرأ وأبو عمرو عاصم، وابن عامر، وحمزة، "والقمر" بالنصب . قال والكسائي: : من قرأ بالنصب فالمعنى: وقدرنا القمر قدرناه منازل، ومن قرأ بالرفع، فالمعنى: وآية لهم القمر قدرناه، ويجوز أن يكون على الابتداء، [ ص: 20 ] و"قدرناه" الخبر . الزجاج
قال المفسرون: ومنازل القمر ثمانية وعشرون منزلا ينزلها من أول الشهر إلى آخره، وقد سميناها في سورة [يونس: 5]، فإذا صار إلى آخر منازله، دق فعاد كالعرجون، وهو عود العذق الذي تركته الشماريخ، فإذا جف وقدم يشبه الهلال . قال : و "القديم" هاهنا: الذي قد أتى عليه حول، شبه القمر آخر ليلة يطلع به . قال ابن قتيبة : وتقدير "عرجون": فعلون من الانعراج . الزجاج
وقرأ أبو مجلز، وأبو رجاء، ، والضحاك وعاصم الجحدري، وابن السميفع: "كالعرجون"، بكسر العين .
قوله تعالى: لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنهما إذا اجتمعا في السماء، كان أحدهما بين يدي الآخر، فلا يشتركان في المنازل، قاله ابن عباس .
والثاني: لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر، قاله مجاهد .
والثالث: لا يجتمع ضوء أحدهما مع الآخر، فإذا جاء سلطان أحدهما ذهب سلطان الآخر، قاله قتادة; فيكون وجه الحكمة في ذلك أنه لو اتصل الضوء لم يعرف الليل .
قوله تعالى: ولا الليل سابق النهار وقرأ أبو المتوكل، [ ص: 21 ] وأبو الجوزاء، وأبو عمران، وعاصم الجحدري: "سابق" بالتنوين "النهار" بالنصب، وفيه قولان .
أحدهما: لا يتقدم الليل قبل استكمال النهار .
والثاني: لا يأتي ليل بعد ليل من غير نهار فاصل بينهما . وباقي الآية مفسر في سورة [الأنبياء:33 ] .