وقال : إحداهن ليدل على أن قوله : وآتيتم المراد منه : وآتى كل واحد منكم إحداهن ، أي : إحدى الأزواج ، ولم يقل : "آتيتموهن قنطارا " لئلا يتوهم أن الجميع المخاطبين آتوا الأزواج قنطارا ، والمراد : آتى كل واحد زوجه قنطارا ، فدل لفظ "إحداهن " على أن الضمير في "آتيتم " المراد منه كل [ ص: 633 ] واحد واحد كما دل لفظ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج على أن المراد استبدال أزواج مكان أزواج ، فأريد بالمفرد هنا الجمع لدلالة وإن أردتم .
وأريد بقوله وآتيتم كل واحد واحد ، لدلالة "إحداهن " وهي مفردة على ذلك . ولا يدل على هذا المعنى البليغ بأوجز ولا أفصح من هذا التركيب . وتقدم معنى القنطار واشتقاقه في آل عمران . والضمير في "منه " عائد على "قنطارا " .
وقرأ ابن محيصن : "آتيتم احداهن " بوصل ألف "إحدى " كما قرئ : إنها لحدى الكبر حذف الهمزة تخفيفا كقوله :
1560 - إن لم أقاتل فالبسوني برقعا ... ... ... ...
وبهذا الذي ذكرته يتضح معنى الآية .
وقد طول فيها ولم يأت بطائل ، ولا بد من التعرض لما قاله والتنبيه عليه . قال : "وفي قوله أبو البقاء وآتيتم إحداهن قنطارا إشكالان ، أحدهما : أنه جمع الضمير والمتقدم زوجان . والثاني : أن التي يريد أن يستبدل بها هي التي تكون قد أعطاها مالا فينهاه عن أخذه ، فأما التي يريد أن يستحدثها فلم يكن أعطاها شيئا حتى ينهى عن أخذه ، ويتأيد ذلك بقوله : وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض . والجواب عن الأول : أن المراد بالزوج الجمع ، لأن الخطاب لجماعة الرجال ، وكل منهم قد يريد [ ص: 634 ] الاستبدال ، ويجوز أن يكون جمع لأن التي يريد أن يستحدثها يفضي حالها إلى أن تكون زوجا ، وأن يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالأولى فجمع على هذا المعنى . وأما الإشكال الثاني ففيه جوابان أحدهما : أنه وضع الظاهر موضع المضمر ، والأصل : وآتيتموهن . والثاني : أن المستبدل بها مبهمة فقال " إحداهن "إذ لم تتعين حتى يرجع الضمير إليها ، وقد ذكرنا نحوا من هذا في قوله : فتذكر إحداهما الأخرى انتهى .
وفي قوله : "وضع الظاهر موضع المضمر " نظر ، لأنه لو كان الأصل كذلك لأوهم أن الجميع آتوا الأزواج قنطارا كما تقدم ، وليس كذلك .
قوله : أتأخذونه بهتانا الاستفهام للإنكار أي : أتفعلونه مع قبحه . وفي نصب "بهتانا وإثما " وجهان : أحدهما : أنهما منصوبان على المفعول من أجله أي : لبهتانكم وإثمكم . قال : "وإن لم يكن غرضا كقولك : قعد عن القتال جبنا " . والثاني : أنهما مصدران في موضع الحال ، وفي صاحبها وجهان : أظهرهما : أنه الفاعل في "أتأخذونه " [أي ] باهتين وآثمين . والثاني : أنه المفعول أي : أتأخذونه مبهتا محيرا لشنعته وقبح الأحدوثة عنه . الزمخشري
وبهتان : فعلان من البهت ، وقد تقدم معناه في البقرة ، وتقدم أيضا الكلام في "كيف " ومحلها من الإعراب في البقرة أيضا في قوله : كيف تكفرون .