ولما قرر هذه الشرائع ، نبه على تعظيمها بالخصوص على وجه يعم جميع ما ذكر في السورة بل وفي غيرها ، فقال عاطفا على ما تقديره - عطفا على المنهيات وأضداد المأمورات على وجه يشمل سائر الشريعة - : ولا تزيغوا عن سبيلي : وأن أي : ولأن - على قراءة الجماعة بالفتح ، أي : اتبعوه لذلك ، وعلى قراءة ابن عامر ويعقوب بالكسر هو ابتداء [ ص: 321 ] هذا أي : الذي شرعته لكم صراطي حال كونه مستقيما فاتبعوه أي : بغاية جهدكم ؛ لأنه الجامع للعباد على الحق الذي فيه كل خير .
ولما كان الأمر باتباعه متضمنا للنهي عن غيره ، صرح به تأكيدا لأمره ، فقال : ولا تتبعوا السبل أي : المنشعبة عن الأهوية المفرقة بين العباد ؛ ولذا قال مسببا فتفرق بكم أي : تلك السبل الباطلة عن سبيله ولما مدحه آمرا به ناهيا عن غيره مبينا للعلة في ذلك - أكد مدحه ، فقال : ذلكم أي : الأمر العظيم من اتباعه وصاكم به
ولما كان قد حذر من الزلل عنه ، وكان من المعلوم أن من ضل عن الطريق الأقوم وقع في المهالك ، وكان كل من يتخيل أنه يقع في مهلك يخاف - قال : لعلكم تتقون أي : اتبعوه واتركوا غيره ليكون حالكم حال من يرجى له أن يخاف من أن يزل فيضل فيهلك ، وهذا كما مدحه - سبحانه - سابقا في قوله : وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون وفصل ما هنا من الأحكام في ثلاث آيات ، وختم كل آية لذلك بالوصية ليكون ذلك آكد في القول فيكون أدعى للقبول ، وختم كل واحدة منها بما ختم لأنه إذا كان العقل دعا إلى التذكير فحمل على التقوى .