ولما ذكر من سفههم ما فيه إقدام محض وما فيه إحجام خالص محت - أتبعه ما هو مختلط منهما فقال : وقالوا أي : المشركون أو بعضهم وأقره الباقون ما في بطون هذه [إشارة إلى ما اقتطعوه لآلهتهم ، وبينوه بقولهم] : الأنعام أي : من الأجنة خالصة أي : خلوصا لا شوب فيه ، أنث للحمل على معنى الأجنة ، أو تكون التاء للمبالغة أو تكون مصدرا كالعافية ، أي : ذو خالصة لذكورنا ولما كان المراد العراقة في كل صفة ، أتى بالواو فقال : ومحرم وحذف الهاء إما حملا على اللفظ أو تحقيقا لأن المراد بـ (خالصة) المبالغة على أزواجنا أي : إناثنا ، وكأنه عبر بالأزواج بيانا لموضع السفه بكونهن شقائق الرجال ، هذا إن ولد حيا وإن يكن أي : ما في بطونها ميتة وكأنه أثبت هاء التأنيث مبالغة ، وأنث الفعل أبو جعفر وابن عامر عن وأبو بكر حملا على معنى : (ما) ورفع الاسم على التمام ابن كثير وأبو جعفر وابن عامر ، وذكر عاصم أن [ ص: 286 ] التأنيث غير حقيقي ، ونصب الباقون على جعلها ناقصة مع التذكير حملا على لفظ (: ما) ابن كثير فهم أي : ذكورهم وإناثهم فيه أي : ذلك الكائن الذي في البطون شركاء أي : على حد سواء .
ولما كان ذلك كله وصفا منهم للأشياء في غير مواضعها التي يحبها الله قال : سيجزيهم وصفهم أي : بأن يضع العذاب الأليم في كل موضع يكرهون وصفه فيه ، حتى يكون مثل وصفهم الذي لم يزالوا يتابعون الهوى فيه حتى صار خلقا لهم ثابتا فهو يريهم وخيم أثره ، ثم علل ذلك بقوله : إنه حكيم أي : لا يجازي على الشيء إلا بمثله ويضعه في أحق مواضعه وأعدلها عليم أي : بالمماثلة ومن يستحقها وعلى أي وجه يفعل ، وعلى أي كيفية يكون أتم وأكمل ، وفي ذلك أتم إشارة إلى أن هذه الأشياء في غاية البعد عن الحكمة ، فهو متعال عن أن يكون شرعها وهي سفه محض لا يفعلها إلا ظالم جاهل .