ولما كان استفهام الإنكار بمعنى النفي ، كان كأنه قيل : لا تدعون غيره ، فعطف عليه قوله : بل إياه أي : خاصة تدعون أي : حينئذ; ولما كان يتسبب عن دعائهم تارة الإجابة وأخرى غيرها قال : فيكشف أي : الله في الدنيا أو في الآخرة ، فإنه لا يجب عليه شيء ، ولا يقبح منه شيء ما تدعون إليه أي : إلى كشفه إن شاء أي : ذلك تفضلا عليكم كما هي عادته معكم في وقت شدائدكم ، ولكنه لا يشاء كشفه في الآخرة ؛ لأنه لا يبدل القول لديه وإن كان له أن يفعل ما يشاء ، ولو كان يجيبكم دائما وأنتم لا تدعون غيره ، لكان ذلك كافيا في الدلالة على اعتقادكم أنه لا قادر إلا هو ، فكيف وهو يجيبكم في الدنيا [ ص: 113 ] إذا دعوتموه تارة ويجيبكم أخرى ، ومع ذلك فلا يردكم عدم إجابته عن اعتقاد قدرته ودوام الإقبال عليه في مثل تلك الحال لما ركز في العقول السليمة والفطر الأولى من أنه الفاعل المختار ، وعلى ذلك دل قوله عطفا على ( تدعون ) : وتنسون أي : تتركون في تلك الأوقات دائما ما تشركون أي : من معبوداتكم الباطلة لعلمكم أنها لا تغني شيئا ، كما هي عادتكم دائما في أوقات الشدائد رجوعا إلى حال الاستقامة . أفلا يكون لكم هذا زاجرا عن الشرك في وقت الرخاء خوفا من إعادة الضراء!