ولما كانت الخشية من الأفعال الباطنة، وكان كل أحد يدعي أنه يخشى الله، قال مخوفا لهم بعلمه نادبا إلى مراقبته لئلا يغتروا بحلمه، عاطفا على ما تقديره لإيجاب المراقبة: فأبطنوا أفعالهم وأظهروها: وأسروا أي أيها الخلائق.
ولما كان إفراد الجنس دالا على قليله وكثيره قال: قولكم [ ص: 243 ] أي خيرا كان أو شرا أو اجهروا به فإنه يعلمه ويجازيكم به لأن علمه لا يحتاج إلى سبب، وذلك أن المشركين كانوا يقولون: أسروا وإلا يسمع إله محمد: ثم علل ذلك مؤكدا لأجل ما للناس من استبعاد ذلك بقوله: إنه أي ربكم عليم أي بالغ العلم بذات الصدور أي بحقيقتها وكنهها وحالها وجبلتها وما يحدث عنها سواء كانت قد تخيلته ولم تعبر عنه، أو كان مما لم تتخيله بعد بدليل ما يخبر به سبحانه وتعالى عنهم مما وقع وهم يخفونه، أو لم يقع بعد ثم يقع كما أخبر به سبحانه;