قالوا بلى ولما طابق هذا الجواب فتوقع السامع إيضاحه. أفصحوا بما أفهمه وشرحوه تأسفا على أنفسهم مما حل بهم وتحسرا فقالوا: قد جاءنا وأظهروا موضع الإضمار تأكيدا وتنصيصا فقالوا: نذير أي مخوف بليغ التحذير فكذبنا أي فتسبب عن مجيئه أننا أوقعنا التكذيب بكل [ ص: 237 ] ما قاله النذير وقلنا أي زيادة في التكذيب والنكاية له والعناد الذي حل شؤمه بنا: ما نـزل الله أي الذي له الكمال كله عليكم و[ لا -] على غيركم، ولعل التعبير بالتفعيل إشارة إلى إنكارهم الفعل بالاختيار الملازم للتدريج - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وأعرقنا في النفي فقلنا: من شيء لا وحيا ولا غيره، وما كفانا هذا الفجور حتى قلنا مؤكدين: إن أي ما.
ولما كان تكذيبهم برسول واحد تكذيبا لجميع الرسل قالوا عنادا: أنتم أي أيها النذر المذكورون في "نذير" المراد به الجنس، وفي خطاب الجمع إشارة أيضا إلى أن جواب الكل للكل كان متحدا مع افتراقهم في الزمان حتى كأنهم كانوا [ على -] ميعاد إلا في ضلال أي بعد عن الطريق وخطأ وعمى محيط بكم كبير فبالغنا في التكذيب والسفه بالاستجهال والاستخفاف.