ولما قرر - سبحانه وتعالى - إرادته لصلاحهم ورغب في اتباع الهدى بعلمه؛ وحكمته؛ عطف على ذلك قوله: والله ؛ بلطف منه وعظم سلطانه؛ يريد ؛ أي: بإنزاله هذا الكتاب العظيم؛ وإرساله هذا الرسول [ ص: 257 ] الكريم؛ أن يتوب عليكم ؛ أي: يرجع لكم بالبيان الشافي عما كنتم عليه من طرق الضلال؛ لما كنتم فيه من العمى بالجهل؛ وزادهم في ذلك رغبة؛ بقوله: ويريد الذين يتبعون ؛ أي: على سبيل المبالغة؛ والاستمرار؛ الشهوات ؛ أي: من أهل الكتابين وغيرهم؛ كشأس بن قيس؛ وغيره من الأعداء؛ أن تميلوا ؛ أي: عن سبيل الرشاد ميلا عظيما ؛ أي: إلى أن تصيروا إلى ما كنتم فيه من الشرك والضلال؛ فقد أبلغ - سبحانه - في الحمل على الهدى؛ بموافقة الولي المنعم الجليل؛ الذي لا تلحقه شائبة نقص؛ ومخالفة العدو الحسود الجاهل؛ النازل من أوج العقل إلى حضيض طباع البهائم.