ولما قدم تعالى قوله: فما تغن النذر وأتبعه ذكر إهلاكه المكذبين، وكان ما ذكره من شأنهم أمرهم في الجلالة والعظمة بحيث يحق للسامع أن يسأل عنه ويتعرف أحواله ليهتدي بها على ذلك بقوله مسببا عن التذكير باستفهام الإنكار والتوبيخ: فكيف كان أي وجد وتحقق عذابي أي لمن كذب وكفر وكذب رسلي ونذر أي الإنذارات الصادرة عني والمنذرون المبلغون عني فإنه أنجى نوحا عليه السلام ومن آمن معه من أولاده وغيرهم ومتعهم بعد إهلاك عدوهم وجعل الناس الآن كلهم من نسله، قال القشيري: وكذلك سنة الله في جميع أهل الضلال - انتهى. في هذا قوة لرجاء أهل الدين إذا لقوا في دين الله محنة فجحد غيرهم ما آتاه الله أن يهلك الله عن قريب عدوهم ويمكنهم من ديارهم وبلادهم ويورثهم ما كان إليهم،
وكان المعنى في تكرير ذلك عليهم بعد التذكير بما أتيناهم به من قصص هذه الأمم ميسرا لفهم صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم كيف كان أخذي لهم وعاقبة تخويفي إياهم لعلهم يتعظون فينفعهم إنذار المنذرين.