ولما طال ذلك منهم ومضت عليه أجيالهم جيلا بعد جيل حتى مضى له من إنذارهم أكثر مما مضى من الزمان لأمة هذا النبي الخاتم إلى يومنا هذا، وأخبره الله أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن معه، [ ص: 104 ] تسبب عن ذلك الدعاء بالراحة منهم، فلذلك قال صارفا وجه الخطاب إلى صفة الإحسان والربوبية والامتنان إيذانا بأنه أجاب دعاءه ولبى نداءه: فدعا ربه أي الذي رباه بالإحسان إليه برسالته معلما له لما أيس من إجابتهم: أني مغلوب أي من قومي كلهم بالقوة والمنعة لا بالحجة، وأكده لأنه من يأبى عن الملك الأعظم يكون مظنة النصرة، وإبلاغا في الشكاية إظهارا لذل العبودية، لأن الله سبحانه عالم بسر العبد وجهره، فما شرع الدعاء في أصله إلا لإظهار التذلل، وكذا الإبلاغ فيه فانتصر أي أوقع نصري عليهم أنت وحدك على أبلغ وجه.