ولما ذكر تعالى الأمور الاختيارية وقدمها لأنها محط للبلاء وسلب علمها عن أصحابها، وحذر من عاقبتها بإحاطته بكل شيء، وكان معنى ذلك أنه القادر لا غيره والعالم لا غيره، عطف عليه قوله ذاكرا للأمور الاضطرارية التي هي في غاية التنافي إكمالا للدليل على يوقف ما يشاء على ما يريد من الأسباب التي تفعل بإذنه من الضحك أو البكاء وغيرهما من الأمور المنافية التي لولا الإلف لها لقضى الإنسان أن المتلبس بأحدهما لا يتلبس بضده أصلا من غيرها أنه يعلم ما في النفوس دون أصحابها وغيرهم وأنه إليه المنتهى إعادة وإبداء، وأنه ولما كانت التأثيرات الإدراكية تحال على أسبابها، أكد الكلام فيها فقال: هو أي لا غيره أضحك وأبكى أي ولا يعلم أحد قبل وقت الضحك أو البكاء أنه يضحك أو يبكي ولا أنه يأتيه ما يعجبه أو يحزنه، ولو قيل له حالة الضحك أنه بعد ساعة يبكي لأنكر ذلك، وربما أدركه ما أبكاه وهو في الضحك وبالعكس.