" إن " أي: ما. ولما كان قد تقدم قوله تعالى: يحيي ويميت وهم يعلمون أن المراد به أن يتكرر منه الإحياء للشخص الواحد، [ ص: 35 ] وكان تعالى قد قال ولا يخاطبهم إلا بما يعرفونه وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون أي بالانتشار بعد الحياة [و] قال: أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين قالوا: إن هي إلا موتتنا على حذف مضاف؛ أي ما الحياة إلا حياة موتتنا الأولى أي: التي كانت قبل نفخ الروح - كما سيأتي في الجاثية " إن هي إلا حياتنا الدنيا " وعبروا عنها بالموتة إشارة إلى أن الحياة في جنب الموت المؤبد على زعمهم أمر متلاش لا نسبة لها منه، وساق سبحانه كلامهم على هذا الوجه إشارة إلى أن الأمور [إذا قيس] غائبها على شاهدها، كان الإحياء بعد الموتة [الثانية أولى لكونه بعد حياة من الإحياء بعد الموتة] الأولى، فحط الأمر على أن الابتداء كان من موت لم يتقدمه حياة، والقرار يكون على حياة لا يعقبها موت.
ولما كان المعنى: وليس وراءها حياة، أكدوه بما يفهمه تصريحا فقالوا برد ما أثبته الله على [لسان] رسوله صلى الله عليه [ ص: 36 ] وسلم وما نحن وأكدوا النفي فقالوا: بمنشرين أي: من منشر ما بالبعث بحيث نصير ذوي حركة اختيارية ننتشر بها بعد الموت، يقال: نشره وأنشره، إذا أحياه.