ولما كان قد تعمد الكذب عند مس العذاب؛ في عدم البيان؛ والوقت القابل؛ قال (تعالى) - محذرا من حاله؛ وحال أمثاله؛ ولفت القول إلى من لا يفهمه حق فهمه غيره؛ تسلية له؛ وزيادة في التخويف لغيره -: ويوم القيامة ؛ أي: الذي لا يصح في الحكمة تركه؛ ترى ؛ أي: يا محسن؛ الذين كذبوا ؛ وزاد في تقبيح حالهم في اجترائهم؛ بلفت القول إلى الاسم الأعظم؛ فقال: على الله ؛ أي: الحائز لجميع صفات الكمال؛ بأن وصفوه بما لا يليق به؛ وهو منزه عنه من أنه فعل ما لا يليق بالحكمة؛ من التكليف مع عدم البيان؛ ومن خلق الخلق يعدو بعضهم على بعض؛ من غير حساب يقع فيه الإنصاف بين الظالم؛ والمظلوم؛ أو ادعوا له شريكا؛ أو نحو ذلك؛ قال ابن الجوزي : وقال "هم الذين يقولون: إن شئنا فعلنا؛ وإن شئنا لم نفعل"؛ انتهى؛ وكأنه عنى الحسن: المعتزلة؛ الذين اعتزلوا مجلسه؛ وابتدعوا قولهم: إنهم يخلقون أفعالهم؛ ويدخل فيه كل من تكلم في الدين بجهل؛ وكل من كذب؛ وهو [ ص: 542 ] يعلم أنه كاذب في أي شيء كان؛ فإنه من حيث إن فعله فعل من يظن أن الله لا يعلم كذبه؛ أو لا يقدر على جزائه؛ كأنه كذب على الله؛ تراهم بالعين حال كونهم وجوههم مسودة ؛ مبتدأ وخبر؛ وهو حال الموصول؛ أي: ثابت سوادها؛ زائد البشاعة؛ والمعظم في الشناعة بجعل ذلك أمارة عليهم؛ ليعرفهم من يراهم بما كذبوا في الدنيا؛ فإنهم لم يستحيوا من الكذب المخزي؛ أليس ذلك زاجرا عن مطلق الكذب؟! فكيف بالكذب على الله؛ الذي جهنم سجنه؟! فكيف بالمتكبرين عليه؟! أليس في جهنم ؛ أي: التي تلقى من تلقى فيها بالتجهم؛ والعبوسة؛ مثوى ؛ أي: منزل؛ للمتكبرين ؛ الذين تكبروا على اتباع أمر الله.