ولما كان السالم مثلا له - صلى الله عليه وسلم - ولأتباعه؛ والآخر للمخالفين؛ وكان - سبحانه - قد أثبت جهلهم؛ وكان الجاهل ذا حمية؛ وإباء لما يدعى إليه من الحق؛ وعصبية:
والجاهلون لأهل العلم أعداء
فكان لذلك التفكير في أمرهم؛ وما يؤدي إليه من التقاعد من الأتباع؛ والتصويب بالأذى؛ ولا سيما وهم أكثر من أهل العلم؛ مؤديا [ ص: 500 ] إلى الأسف؛ وشديد القلق؛ فكان موضع أن يقال: فما يعمل؟ وكان لا ينبغي في الحقيقة أن يقلق إلا من ظن دوام النكد؛ قال (تعالى) - مسليا؛ ومعزيا؛ وموسيا؛ في سياق التأكيد؛ تنبيها على أن من قلق كان حاله مقتضيا لإنكار انقطاع التأكيد -: إنك ؛ فخصه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الخطاب إذا كان للرأس كان أصدع لأتباعه؛ فكل موضع كان للأتباع وخص فيه - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب دونهم؛ فهم المخاطبون في الحقيقة؛ على وجه أبلغ.
ولما لم يكن لممكن من نفسه إلا العدم؛ قال: ميت ؛ أي: الآن؛ لأن هذه صفة لازمة؛ بخلاف "مائت"؛ يعني: فكن كالميت بين يدي الغاسل؛ فإنك مستريح قريبا عما تقاسي من أنكادهم؛ وراجع إلى ربك ليجازيك على طاعتك له؛ وإنهم ؛ أي: العباد كلهم؛ أتباعك وغيرهم؛ ميتون ؛ فمنقطع ما هم فيه من اللدد؛ والعيش والرغد.