ولما انتفى عنه بهذا ما خيلوا به، بقي إمكان أن يكون لغرض أمر دنيوي فنفاه [بأمره] بقوله: قل أي للكفرة: ما [ ص: 532 ] أي مهما سألتكم من أجر أي على دعائي لكم فهو لكم لا أريد منه شيئا، وهو كناية عن أني لا أسألكم على دعائي لكم إلى الله أجرا أصلا بوجه من الوجوه، فإذا ثبت أن الدعاء ليس لغرض دنيوي، وأن الداعي أرجح الناس عقلا، ثبت أن الذي حمله على تعريض نفسه لتلك الأخطار العظيمة إنما هو أمر الله الذي له الأمر كله. ولما كانوا يظنون به في بعض ظنونهم أنه يريد أمرا دنيويا، أكد قوله: إن أي ما أجري إلا على الله أي الذي لا أعظم منه، فلا ينبغي لذي همة أن يبتغي شيئا إلا من عنده وهو أي والحال أنه على كل شيء شهيد أي بالغ العلم بأحواله، فهو جدير بأن يهلك الظالم ويعلي كعب المطيع.