ولما كان ذلك مفهما لمخالفة كل ما يدعو إليه كافر. وكان [الكافر] ربما دعا إلى شيء من مكارم الأخلاق، قيده بقوله: واتبع أي بغاية جهدك.
ولما اشتدت العناية هنا بالوحي، وكان الموحي معلوما من آيات كثيرة، بني للمفعول قوله: ما يوحى أي يلقى إلقاء خفيا كما يفعل المحب مع حبيبه إليك وأتى موضع الضمير بظاهر يدل على الإحسان [ ص: 282 ] في التربية ليقوى على امتثال ما أمرت به الآية السالفة فقال: من ربك أي المحسن إليك بصلاح جميع أمرك، فمهما أمرك به فافعله لربك لا لهم، ومهما نهاك عنه فكذلك، سواء كان إقبالا عليهم أو إعراضا عنهم أو غير ذلك.
ولما أمره باتباع الوحي، رغبة فيه بالتعليل بأوضح من التعليل الأول في أن مكرهم خفي، فقال مذكرا بالاسم الأعظم بجميع ما يدل عليه من الأسماء الحسنى زيادة في التقوية على الامتثال، مؤكدا للترغيب كما تقدم، وإشارة إلى أنه مما يستبعده بعض المخاطبين في قراءة الخطاب [لغير أبي عمرو:] إن الله [أي] بعظمته وكماله كان دائما بما تعملون أي الفريقان من المكايد وإن دق خبيرا فلا تهتم بشأنهم، فإنه سبحانه كافيكه وإن تعاظم، وعلى قراءة بالغيب يكون هذا التعليل حثا على الإخلاص، وتحقيقا لأنه قادر على الإصلاح وإن أعيى الخلاص، ونفيا لما قد يعتري النفوس من الزلزال، في أوقات الاختلال. أبي عمرو