ولما أخبر سبحانه وتعالى بأنه بصير بمن يستحق ما أعد من الفوز أتبعه ما استحقوا ذلك به من الأوصاف تفضلا منه عليهم بها وبإيجاب ذلك على نفسه حثا لهم على التخلق بتلك الأوصاف فقال: - وقال لما وصف تعالى قلوبهم بالتقوى وبرأهم من الاستغناء بشيء من دونه وصف أدبهم في المقال فقال; انتهى - الحرالي: الذين يقولون ربنا أي يا من ربانا بإحسانه وعاد علينا بفضله، وأسقط أداة [ ص: 280 ] النداء إشعارا بما لهم من القرب لأنهم في حضرة المراقبة; ولما كانت أحوالهم في تقصيرها عن أن يقدر الله حق قدره كأنها أحوال من لم يؤمن اقتضى المقام التأكيد فقالوا: إننا فأثبتوا النون إبلاغا فيه آمنا أي بما دعوتنا إليه، وأظهروا هذا المعنى بقولهم: فاغفر لنا ذنوبنا أي فإننا عاجزون عن دفعها ورفع الهمم عن مواقعتها وإن اجتهدنا لما جبلنا عليه من الضعف والنقص، تنبيها منه تعالى على أن مثل ذلك لا يقدح في التقوى إذا هدم بالتوبة لأنه قال ما أصر من استغفر، والتوبة تجب ما قبلها. وبين المغفرة على مجرد الإيمان إشارة إلى أنه لا تغيرها الأفعال، الحرالي: فكانت مغفرة الذنوب لأهل هذا الأدب في مقابلة الذين آخذهم الله بذنوبهم من الذين كذبوا، ففي شمول ذكر الذنوب في الصنفين إعلام بإجراء قدر الذنوب على الجميع، فما كان منها مع التكذيب أخذ به، وما كان منها مع التقوى والإيمان غفر له. انتهى. من ترتب إيمانه على تقوى غفرت ذنوبه،
ولما رتب سبحانه وتعالى الغفران على التقوى ابتداء رتب عليها الوقاية انتهاء فقال: وقنا عذاب النار أي الذي استحققناه بسوء أعمالنا.