ولما كان ذلك على تقدير تسليمه لا ينفعهم لأن الجزاء بالعذاب على عزمهم على التمادي في العناد على مر الآباد، المصدق منهم بالانهماك في الفساد، أجابهم إلى قصدهم في عدهم بعبارة صالحة صادقة على مدة لبثهم طال أو قصر، بقوله على طريق الاستئناف لمن تشوف إلى معرفة جوابهم: قال أي الله على قراءة الجماعة، وبينت قراءة حمزة أن إسناد القول إليه سبحانه مجاز عن قول بعض عباده العظماء فقال على طريق الأول: " قل " أي لهؤلاء الذين وقع الإعراض عنهم والكسائي إن أي ما لبثتم أي في الدنيا [ ص: 195 ] إلا قليلا أي هو من القلة بحيث لا يسمى بل هو عدم لو أنكم كنتم أي كونا هو كالجبلة تعلمون أي في عداد من يعلم في ذلك الوقت، لما آثرتم الفاني على الباقي، ولأقبلتم على ما ينفعكم، وتركتم الخلاعة التي لا يرضاها عاقل، ولا يكون على تقدير الرضا بفعلها إلا بعد الفراغ من المهم، ولكنكم كنتم في عداد البهائم، وفي ذلك تنبيه للمؤمنين الذين هم الوارثون على الشكر على ما منحهم من السرور بإهلاك أعدائهم وإيراثهم أرضهم وديارهم، مع إعزازهم والبركة في أعمارهم، بعد إراحتهم منهم في الدنيا، ثم بإدامة سعادتهم في الآخرة وشقاوة أعدائهم.